حاورها: موقع البوكر
متى بدأت كتابة رواية “أيام الشمس المشرقة” ومن أين جاءك الإلهام لها؟
انتقلت الي ولاية أريزونا في بداية ٢٠١٢، لأدرّس في جامعة الولاية كأستاذ مساعد للأدب العربي الحديث، انشغلت بالبحث والنشر العلمي والأكاديمي وصرت أدوّن فقط بعض الملاحظات أملا أن أجد بعض الوقت لأبدأ في الكتابة، تأجلت الرواية لسنوات طويلة، لكن أبطالها كانوا يحتلون مخيلتي ، كنت أدوّن باستمرار، لكنني أؤجل العكوف علي كتابة النص أملا في التفرغ له، ولم استطع ذلك إلا بعد سنوات طويلة، انشغلت خلال تلك السنوات بمسؤوليات العمل الجامعي كما تتطلبه وظيفتي الأكاديمية، ولم أجد الوقت إلا في بداية عام ٢٠٢٠، كنت قد انتهيت أخيراً من تلك المشروعات البحثية التي عكفت عليهما طويلاً، ونشرتهما في كتابين هما “بنت شيخ العربان” وهي دراسة ثقافية في تاريخ القبائل العربية داخل مصر، والكتاب الثاني هو “بعيدة برقة على المرسال” وهي دراسة أدبية للشعر الشعبي المسمى بشعر الغناوة وهو شعر ينتشر بين حدود برقة الليبية وإقليم الغرب الصحراوي المصري، بعد كل هذا الانقطاع والانشغال والإرجاء قررت الانتهاء من روايتي التي اكتملت بداخلي وصار من الضروري التفرغ لها، بدأت كتابتها عام ٢٠٢٠ وانتهيت منها خلال عام، وبدأت التشاور حول مخطوطتها مع بعض الأصدقاء الذين ساعدوني كثيراً في مراجعة النص وضبطه.
هل استغرقت كتابة الرواية مدّة طويلة؟ وأين كنت تقيم عند إكمالها؟
استغرقت عاماً أو عامين، لا أتذكر بالضبط، كانت بشكل عام فترة عصيبة علي المستوى الشخصي، لم يكن أمامي للتعافي النفسي والذهني سوى الهروب عبر الكتابة، كان ذلك في مدينة فينكس التي أسكنها منذ سنوات طويلة، وهي مدينة من مدن ولاية أريزونا حيث أعيش وأعمل أستاذاً بجامعة الولاية منذ عدة سنوات، كل ما أتذكره عن تلك الفترة أنها كانت فترة الوباء، وتداعياته الكارثية، تلك العزلة القسرية وفّرت لي بعض الوقت للتفرغ، انحصرت الواجبات الوظيفية قليلاً، بعد أن أصبحت الفصول الدراسية عبر الانترنت، وتوفرت تلك العزلة التي كانت كل ما أحتاج للعودة للكتابة.
هل لديك طقوس للكتابة؟
العمل الأكاديمي خاصة في الولايات المتحدة عمل يومي ويتطلب الكثير من المسؤوليات الجامعية، مثل التدريس والنشر والعمل الطلابي، تلك المتطلبات الوظيفية لا تترك لي مساحة لأتذكر أنني كاتبة أو أفكر في الطقوس، منذ انتقلت للولايات المتحدة صرت مجرد، أم، وموظفة، ربما أستاذة، تعمل لتغطي نفقاتها، فقدت جزءاً كبيراً من هويتي ككاتبة، أنا مجرد مهاجرة تبحث عن فرص النجاة كغيري من الباحثين، صارت الكتابة هامش أحن اليه وأهرب إليه وأحاول انتهاز الفرص لاختلسه، الطقس الوحيد الذي أحتاجه هو التفرغ من الواجبات الكثيرة والانقطاع عن المسؤوليات اليومية والتصديق بأنني مازلت قادرة على الإمساك بالنص الذي يخايلني.
ما هو مشروعك الأدبي بعد هذه الرواية؟
انتهيت تقريباً من مخطوطة كتابي الذي حصلت علي منحة فولبريت لإنجازه، وهو عن الكتابة النسائية العربية والاحتجاج بالعري، وهو دراسة وسيرة معاً، عمل يقارب تجربتي ككاتبة ومخاوفي ككاتبة، وهو عمل بحثي أيضاً عكفت عليه طويلاً يحاول اكتشاف العلاقة بين الكتابة ومخاوف أو فوبيا الانكشاف والتعري، أناقش في فصوله تطور كتابة المرأة العربية عن الذات وصور التلقي لها باعتبارها نوعاً من التعري المجازي.
هناك مشروع رواية محتملة، بدأت العمل فيها، لكنني أنا من أنصار التروي في النشر، أفضل إعطاء كل تجربة إبداعية الوقت لتختمر. في الحقيقة أن فكرة كتابة رواية جديدة ترتبط عندي بالكثير من القلق والتردد والإرجاء، أتمني بالطبع أن أتخلص من هذا القلق لأستطيع كتابة كل ما لدي وهو كثير.