عبلة الرويني
علي أنقاض مدينة حدودية مهجورة بالشاطيء الأمريكي الغربي، تقيم ميرال الطحاوي عمارة روايتها الأحدث (أيام الشمس المشرقة) الصادرة عن دار العين… (المكان)أحد البني المبدعة بالرواية..تحت أقدام سلاسل جبلية، تجويف أرضي منخفض هو أنقاض مدينة، كانت محطة لعبور العمال المتسللين إلي المزارع الجبلية…جغرافيا طاردة هي(الشمس المشرقة)…مستعمرة تتنفس غبار التلال المحيطة، وأبخرة الخليج ،تفوح منه رائحة كلاب البحر النافقة..والموت المحيط في المقابر!! وحين تجنح العاصفة بقارب(عين الحياة) المحمل بالمهاجرين المتسللين..يغرق من يغرق،ويفر من يفر.. تاركين صراخ أطفالهم الصغار، يختلط بنواح كلاب البحر وهي تطرد جراءها الصغيرة، تتعمد ألقاءها قسرا في الماء،وإقصاءها في موسم الفطام!!
في(أيام الشمس المشرقة)تتجاوز ميرال الطحاوي أشكال السرد التقليدية..تتجاوز بنية الحكاية وملاحقة الأحداث..إلي سؤال المكان، وسؤال الهجرة والغربة، وسؤال الحياة ذاتها..ورغم حياة المهاجرين،تتجاوز الرواية، سؤال الغربة وسؤال الهوية الي السؤال الوجودي….كل شخصيات الكتاب من المهاجرين لا ينتابهم (الحنين) رغم الذاكرة!!..ولا تقتلهم(الغربة)رغم قسوتها!!..
لا أمال بالعودة، ولا أحلام بالبقاء.. لا أحد ينتظر شيئا…حطام بشر من اليائسين… الغياب هويتهم وهوية المكان المعتاد علي الفقد والإزاحة..لا يكترث أحد لغياب أحد، ربما أيضا لا يكترث أحد لحضور أحد!!…
براعة السرد في تجاوز التراجيديا،في لغة مشهدية بعيدة تماما عن المأساوية، وعن مشاعر الحنين والحزن والخوف والألم وكل المشاعر الحارقة الأخري….بنية ضدية تلاحقنا طوال فصول الكتاب، هي إحدي إبداعات السرد..ربما ليست نقيضا…لكنها تمرير الإحتمال وحائط الصد الأخير…(أيام الشمس المشرقة)ليست سوي أيام العتمة والغبار!!..(حديقة الأرواح) لا هي حديقة، ولا هي أرواح..لكنها(مقبرة) المكان!!..قارب (عين الحياة) هو قارب الغرقي، ورحلة النهاية النافقة!!…وأخيرا(أرض الأحلام) مستقبل المهاجرين..ليست سوي كابوس فاجع..ولا مفر!!