عن دار القصبة للنشر، وبدعم من وزارة الشباب والثقافة والتواصل بالمغرب، صدرت المجموعة القصصية “الخُرْسان” للقاص والروائي المغربي عبد الوهام سمكان (دجنبر 2022)، وهي ثالث أعماله المنشورة ورقيا بعد مجموعته القصصية الأولى “كلاب السوق” وروايته “آدم الذي رأى”.
وقد تضمنت مجموعة “الخرسان” عشرة قصص موزعة على 144 صفحة. ورغم أن كل واحدة من هذه القصص رصدت ظاهرة اجتماعية معينة أو حالة وجودية متفردة، وبالتالي حاولت تشييد عالم خاص بها، فإنها جميعها ظلت مسكونة بهاجس الخَرَس الذي يكبّل جميع شخصياتها ويجعل عالم القصص العشر واحدا موحَّدا: عالم الكلام المسلوب.
وجاء على ظهر غلاف هذه المجموعة:
” ليس الخرسان في هذه المجموعة بِبُكْمٍ حَرَمَتْهم الطبيعة من القدرة على النطق، ولكنهم خرسان من حيث هم ممنوعون من التعبير عن رغباتهم وآلامهم وأحلامهم وحقوقهم ووجودهم، وهذا ما يجعل منهم كائنات هشة مضطهَدة ومعزولة، ويدفعهم في النهاية إلى الجنون أو المرض النفسي، أو يجبرهم على الفرار والاغتراب والتيه، أو يجعلهم يُقبِلون على الانتحار…
لقد جعل القاص عبد الوهام سمكان الخرسان يتكلمون، وهو بذلك يرغم قارئ هذه المجموعة على الإنصات إليهم.. يدعوه إلى سماع الأخرس حين ينادي بحقه في الاختلاف أو يطالب بنبذ العنصرية أو يصرخ ألما من عذاب الفقر والبؤس، بل إنه يستفز القارئ ويحثه على التكلم بدلا عن الأخرس عندما يتعرض هذا الأخير للخيانة والغدر، مثلما يدعوه إلى مساندته عندما يصرخ في وجه السراب والضياع واللا معنى.
هكذا تكتسب استيطيقا الخرس في هذه المجموعة القصصية طبقات متعددة وصفات جمالية وطاقات تعبيرية، فيجعلها هذا تفرض راهنيتها، كما يدفعنا إلى تأمل الخرس الذي أصاب الضمير الإنساني أمام قبح العالم وبشاعة الحرب ونكوص الهامش الذي بدأ ينكمش…