أحـمد عبد الرحـيم
..سؤال صعب. لكن عددًا من الأفلام، المصرية والأمريكية، قدمت له إجابات مختلفة. تعالوا لنرى:
الحل: إلغاء الفيلم كله!
الفيلم: Something’s Got to Give أو شىء لابد أن يُعطَى (1962)
المخرج: چورچ كيوكر
المشكلة: كان الفيلم إعادة لفيلم My Favorite Wife أو زوجتى المفضلة (1940)، لكن من بطولة مارلين مونرو ودين مارتن، وبعد تصوير 37 دقيقة منه، توفيت مارلين بسبب تناول جرعة زائدة من أدوية مهدئة.
الحل: بعد رفض مارتن بطولة الفيلم أمام ممثلة أخرى، كان الحل إلغاء الفيلم كله. لكن فى العام التالى، قرّرت شركة الإنتاج إعادة تصوير الفيلم من البداية، مع نجوم آخرين، وفريق عمل مختلف، هو ما أنتج فيلم Move Over, Darling أو افسحى المكان لغيركِ يا عزيزتى (1963) بطولة دوريس داى وچيمس جارنر، الذى استخدم بعض ديكورات وأزياء الفيلم غير المكتمل.
الفيلم: عربى تعريفة )2003)
المخرج: عمرو عرفة
المشكلة: فى رابع بطولة مطلقة له، صوَّر علاء ولى الدين عددًا ضئيلًا من المشاهد، فى مصر والبرازيل، ثم توفى عن عمر 40 عامًا.
الحل: توقف إنتاج الفيلم، ولم يُستكمل مع نجم آخر. أما المشاهد المُصوَّرة، فقد عُرِضت فى حلقات تلفزيونية أُعدَّت عن الفنان الراحل، وقدّمها الإعلامى محمود سعد.
*******************
تعديلات فى السيناريو
الفيلم: غزل البنات (1949)
المخرج: أنور وجدى
المشكلة: توفى نجيب الريحانى قبل إكمال مشاهده الأخيرة كالعاشق البائس الأستاذ حمام.
الحل: الاكتفاء بعرض لقطة الريحانى وهو يهادن أحزانه باسمًا كالنهاية، مع إلغاء القسم الأخير من الفيلم، وحسب شهادة الفنانة ليلى مراد فى برنامج إذاعى؛ شمل هذا الجزء مجموعة مشاهد للريحانى، منها مشهد ختامى يهرّبها فيه من قصر الباشا كى تتزوج أنور وجدى. لمعلوماتك: صُوِّرت بعض من الأحداث التى لم نرها، فى نهاية فيلم مع تحياتى لأستاذى العزيز (1981) للمخرج أحمد ياسين، والذى كان أشبه بإعادة غير مُعلَنة لغزل البنات.
الفيلم: الرغبة والضياع (1973)
المخرج: أحمد ضياء الدين
المشكلة: بعد انقطاع سنوات عن التمثيل فى أفلام سينمائية مصرية، وتقدم سنه وتزايد بدانته، وافق إسماعيل ياسين على المشاركة فى فيلم لعبة الشيطان، الذي أُعيد تسميته لاحقًا الرغبة والضياع، من بطولة نور الشريف ورشدى أباظة وهند رستم، وبعد احتفال من فريق الفيلم بعودته، وأسبوعين من التصوير، شهد فيهما الجميع حزنه أكثر من ضحكاته، توفى “سمعة” بأزمة قلبية عن سن 60 عامًا.
الحل: اختصر المخرج دور إسماعيل ياسين، كقريب رشدى أباظة الذى يزور فيلته، حيث يظهر لمدة دقيقتين، ثم يغادر المكان فجأة بعد سماع طلق نارى. تسجيل حواره كان عبر بديل حاول تقليد صوته، وتصوير المغادرة كان عبر رؤية أقدامه فقط.
إعادة التصوير بممثل آخر
الفيلم: Solomon and Sheba أو سليمان وسبأ (1959)
المخرج: كينج ڤيدور
المشكلة: بعد إتمام أكثر من نصف دوره، أصيب النجم تايرون باور بأزمة قلبية خلال تصوير مشهد مبارزة، ليموت بعدها بدقائق. من المفارقات العجيبة أن باور كان قد سجّل قبلها بقليل إعلانًا خدميًا للتلفزيون، يوضّح فيه علامات الأزمة القلبية، وأهمية نقل مصابها إلى المستشفى فورًا، ومن العجيب أيضًا أن والده، تايرون باور سينور، كان ممثلًا، ومات قبل إكمال دوره فى فيلم، بسبب أزمة قلبية!
الحل: اُستدعى النجم يول براينر ليعيد تصوير كل مشاهد باور، ويُكمل الدور. جدير بالذكر أن المخرج لم يُعِد تصوير المشاهد التى يظهر فيها باور من بعيد؛ لذا يمكنك تمييزه فى تلك المشاهد لو أوقفت الصورة، واقتربت من الشاشة، خاصة فى منتصف مشهد المبارزة!
الفيلم: Shrek أو شريك (2001)
المخرج: أندرو أدمسون وفيكى چينسن
المشكلة: بعد تسجيل أغلب دوره كالغول الطيب شريك، توفى الكوميديان الشاب كريس ڤارلى بجرعة مخدرات زائدة، ليفقد فيلمه التحريكى بطله.
الحل: اُستدعى النجم مايك مايرز، زميل ڤارلى فى البرنامج الفكاهى Saturday Night Live، كى يعيد تسجيل الدور، ليصيب الفيلم نجاحًا كبيرًا أدى إلى عدد من الأجزاء المكملة؛ وهو ما كان يحتاجه ڤارلى بشدة فى تلك المرحلة من عمره الفنى، لكن هل كان سينجح الفيلم بأدائه أصلًا؟ سؤال لا يملك أحد الإجابة عليه!
*******************
بديل لا يظهر بوجهه!
الفيلم: لسنا ملائكة (1970)، واحد فى المليون (1971).
المخرج: محمود فريد (لسنا ملائكة)، أشرف فهمى (واحد فى المليون).
المشكلة: توفى الضيف أحمد عن عمر 34 سنة تاركًا بقية ثلاثى أضواء المسرح، چورچ سيدهم وسمير غانم، وحدهما فى أحداث يُفترض أن تجمع ثلاثتهم داخل فيلمين.
الحل: فى لسنا ملائكة، تمت الاستعانة بمقلِّد أصوات كى يُكمِل المشاهد التى صوّرها النجم الراحل، ولم يسجِّل شريط صوتها (يمكنك تمييز الصوت البديل فى بعض المشاهد الأولى له كسجين)، وإن كان يختفى فجأة فى مشهد الختام، ليخبرنا چورچ سيدهم فى خروج عن القصة، وبأسى حقيقى، أنه “ح يوحشنا قوى”! أما فى فيلم واحد فى المليون، فتمت الاستعانة ببديل فى قصر ونحافة الضيف، بعد إلباسه قناعًا لوجه فأر يخفى وجهه، باعتبار أن الفرقة الغنائية التى ينتمى إليها فى الفيلم تتخذ من الفأر رمزًا لها. فى مشاهد غير هذه، ستلحظ تغييبه عن الكادر بحجة أو بأخرى.
الفيلم: الإرهابى (1994)، الطريق إلى إيلات (1994)
المخرج: نادر جلال (الإرهابى)، إنعام محمد على (الطريق إلى إيلات)
المشكلة: توفى صلاح ذو الفقار خلال تصوير فيلم الإرهابى، وقبل إنهاء التسجيل الصوتى لأحد مشاهد فيلم الطريق إلى إيلات.
الحل: فى الإرهابى، كان الحل بديلًا يحمل ملامح جسد الفنان الراحل، يُصوَّر من الخلف، ولحَبْك الأمر تمت الاستعانة بمُقلِّد الأصوات علاء الحريرى، لتقليد صوت ذو الفقار فى هذه المشاهد، وهو ما كان على درجة من المهارة لم يكتشف معها المشاهدون أنه صوت شخص آخر. فى الطريق إلى إيلات، تكرّرت مهارة الحريرى مجددًا، حينما اُستدعى لتنفيذ الحيلة ذاتها، فى مشهد تحاور ذو الفقار مع بطلى الفيلم، عزت العلايلى ونبيل الحلفاوى، على اليخت الخاص به.
*******************
بديل يظهر بوجهه أكثر من اللازم!
الفيلم: الأقوياء (1982)
المخرج: أشرف فهمى
المشكلة: توفى رشدى أباظة عقب تصوير نصف مشاهده كالأب الإقطاعى لشابين جسّدهما محمود ياسين وعزت العلايلى.
الحل: لم يحاول صناع الفيلم ضغط المشاهد المتبقية لشخصيته، أو استخدام مقلِّد أصوات، وإنما اختاروا حلًا للمصيبة كان أشبه بمصيبة أخرى، وهو الاحتفاظ بمشاهد أباظة، وإعطاء مهمة إكمالها للفنان صلاح نظمى. طبعًا لتداخل مشاهد أباظة ونظمى، وظهور كلٌّ بوجهه وصوته وأسلوب أدائه المميز، فشل الحل فى إيجاد أى تناغم، وصار الأمر مشوِّشًا للجمهور، لدرجة ظنهم أن هناك “أبوين” فى الفيلم وليس أبًا واحدًا، وهو ما دفع الناقد السينمائى سامى السلامونى ليقول حينذاك فى مجلة الكواكب عدد 7 / 9 / 1982: “أحدثت هذه الغلطة شرخًا أساسيًا فى الفيلم، فأدرك الجمهور على الفور أنه أمام شخصيتين لا شخصية واحدة، وفقد ميزة التصديق، وهذا يكفى ليضيع أى فيلم فى العالم!”.
الفيلم: The Imaginarium of Doctor Parnassus أو العالم الخيالى لدكتور بارناساسوس (2009)
المخرج: تيرى جيليام
المشكلة: بعد تصوير بضعة من مشاهده، رحل نجم الفيلم هيث ليدچر عن عمر 30 عامًا، ليقول المخرج جيليام وقتها: “حسنًا، انتهى الفيلم!”.
الحل: فكرة جيدة خطرت للمخرج؛ فالفيلم الفانتازى يروى قصة شاب يدخل عقل د. بارناساسوس لعدة مرات، حيث يرى مختلف الأحلام والكوابيس، فماذا لو كان من شروط دخول هذا العقل تغيّر وجه من يدخله؟ وعليه تم الاستعانة بأصدقاء ليدچر من نجوم الصف الأول بهوليوود (چونى ديب، چد لو، كولين فاريل)، والمقاربين له فى السن والتكوين الجسمانى، كى يرتدوا حلته البيضاء، ويظهروا فى شخصيته داخل ذلك العقل، ثم الاستعانة بشبيه يدعى زاندر جلادش ليُكمل مشاهد ليدچر خارج العقل وراء أحد أقنعة السيرك. أفلحت الحيلة فى إكمال الفيلم، بل تحقيق جذب تجارى بهذا الحشد من النجوم، لكنها لم تفلح فى إقناع المشاهدين، حيث تحيّر الكثيرون أمام شخصية واحدة يؤديها 4 ممثلين!
*******************
الكومبيوتر يحل المشكلة
الفيلم: The Crow أو الغراب (1994)
المخرج: إليكس برويانس
المشكلة: خلال أدائه مشهدًا قتاليًا كالبطل محارب الجريمة، وبسبب حشو خاطئ لمسدس شخصية الشرير، توفى الممثل الشاب براندون لى عن عمر 28 سنة، وهو ابن نجم الأكشن الراحل بروس لى الذى توفى عن عمر 33 سنة!
الحل: لإكمال المشاهد المتبقية اُستخدِم أكثر من بديل، مع تصويرهم من زوايا معينة لا تُظهِر الوجه. وللمشاهد المقرَّبة كان الحل إما إحاطة الوجه بالظلال، أو الاستعانة بالكومبيوتر لوضع وجه براندون على وجه بديله؛ وهو ما اُعتبر وقتها معجزة علمية، وحلًا غير مسبوق فى تاريخ السينما، وشى بعصر جديد يحل فيه الكومبيوتر محلّ الممثل، طارحًا أمام فنانى السينما منفذّا ما من أزمات موت النجوم فى أثناء تصوير أفلامهم. نجح الفيلم تجاريًا ونقديًا، لكن للأسف لم يكن بطله موجودًا ليحصد هذا النجاح، والذى كان له أن يُطلقه فى سماء النجومية مثل أبيه.
الفيلم: Furious 7 أو الغاضب: الجزء السابع (2015)
المخرج: چيمس وان
المشكلة: قبل إكماله لنصف مشاهده، كبطل الجزء السابع من أفلام “السريع والغاضب”، توفى بول والكر فى حادث سيارة.
الحل: كاد المنتجون أن يلغون الفيلم بأكمله، لكن الكومبيوتر أنقذ الموقف؛ فمشاهد والكر تم تصويرها مع شقيقيه، كيلب وكودى، اللذين يشبهانه شكلًا وطولًا، ليقلدا حركاته الجسدية المُميَّزة، وينطقا جمل حواره، ثم أُضيف وجهه عليهما لاحقًا ببرامج الكومبيوتر. كذلك استعمل المخرج لقطات لوالكر، من أجزاء سابقة من السلسلة، وأدخلها بالكومبيوتر ضمن هذا الفيلم (مثلًا، حديثه فى الطائرة “مقطوع” من الجزء الخامس!). عقب إطلاق الفيلم، الذى حقق إيرادات مذهلة، تأججت مواقع التواصل الاجتماعى فى نقاش نارى، حول تخمين تلك المشاهد التى يظهر فيها والكر الأصلى، والأخرى التى يظهر فيها والكر التقليد!
*******************
..كانت هذه بعض الحلول لواحد من أكثر الأسئلة فى عالم السينما صعوبة.. وتحديًا!
…………………………..
*نُشرت على جزأين فى عددىّ مجلة أبيض وأسود رقم 25 الصادر فى يناير 2014، ورقم 26 الصادر فى فبراير 2014، ثم أُضيف مقطع جديد لها لاحقًا.
