محمود أحمد علي
أمام مستشفى الصالحية الجديدة المركزى وقف ثلاثة تكاتك..
على خط مستقيم وقفوا..
وقفوا على هيئة ثلاثة أصابع متلاحمين فى كف بشرى..
سائقو الثلاثة تكاتك جلسوا على الدكة الخشبية المتآكلة أمام باب المستشفى، من حواليهم انتشر قشر اللب الصينى، ومع قزقزة اللب انفتح باب حديثهم على مصراعيه..
– الحياة زفت..
– آه.. كل حاجة ولعة نار..
– الأسعار نار.. نار يا حبيبى نار..
– نفسى ربنا يكرمنى وأكمل فلوس الشبكة عشان أتقدم لحبيبتى قبل ما حد تانى يخطفها منى..
– وأنا نفسى ربنا يكرمنى بسفرية عشان أغور من البلد دى.. وأرجع أحقق أحلامى.. أحلامى اللى اتخنقت معايا..
– وأنا نفسى ربنا يكرمنى وأسدد كل أقساط التكتك ده، عشان بعد كده يبقى بتاعى.. ملكى.. وكل اللى ربنا يكرمنى بيه، يبقى بتاعى.. بتاعى لوحدى..
من بعيد لمح أحدهم الميكروباص القادم نحوهم..
توقفوا عن الكلام..
انتفضوا واقفين فى مكانهم..
توقفوا عن قزقزة اللب..
عيونهم الستة راحت تراقب قدوم الميكروباص ذي اللون الأبيض
فجأة..
تفرقوا..
أسرع كل منهم للدخول فى فم التكتك الذى استيقظ من نومه فجأة..
الميكروباص القادم ذو اللون الأبيض، حتمًا ولا بد أن يتوقف أمام المستشفى، هذا التوقف اضطراريًا، لوجود مطب صناعى كبير..
الميكروباص القادم ذو اللون الأبيض توقف..
فُتح الباب..
نزل ثلاثة ركاب..
خرجت كلماتهم تنادى:
– تكتك يا أستاذ..
– تكتك يا أبله..
– تكتك يا عم الحاج..
أُغلق باب الميكروباص، متجهًا إلى الموقف الذى يبعد عن المستشفى قرابة المائة متر، أو يزيد قليلاً..
من خلفه أسرعت التكاتك الثلاثة..
يتسابقون..
يتصارعون..
يتمنى كل منهم أن يصل أولاً قبل الآخر..
الطريق ضيق..
سائق الميكروباص العنيد الذى يكره التكاتك راح يزيد من سرعته..
سرعة التكاتك تزداد..
فجأة..
اصطدم تكتك بآخر..
رآهم صاحب الميكروباص من خلال المرآة فتبسم ضاحكًا، وسرعان ما همس فى سعادة محدثًا نفسه:
– أحسن.. عقبال الباقى..
امتدت الأيدى..
سالت الدماء..
سائق التكتك الثالث الذى كان فى آخر الركب، اطمأن عندما مر مسرعًا بجوارهم ووجدهم على هذه الحالة..
سائق التكتك الثالث الذى وصل فور وصول الميكروباص..
وقف سعيدًا..
مبتسمًا فى ثقة..
– تكتك يا أستاذ.. تكتك يا مدام.. تكتك يا عم الحاج..
ظل ينادى منبهًا الركاب لوجوده..
– إيه النحس ده..
غاضبًا قالها وهو يتحرك عائدًا للجلوس على الدكة الخشبية المتآكلة أمام باب المستشفى.