محمد درويش
في بيت جدتي، كان هناك قط
في الصباح أراه يُغادر البيت
يجرجرُ قدميه إلى حيث لم أكن أدري!
ثم يعود في المساء
يبدو عليه كما وكأنه بكى
ولأنني كنت طفلًا ، كنت أعرف جيدًا كيف تبدوعينان بكتا منذ قليل .
يقفز على أريكة زرقاء
يحتضن وسادة ثم ينام
حتى الصبح
ثم يصحو، يعاود عادتهُ
كنت أسأل جدتي
لماذا يبدو القط حزينًا كلما عاد في المساء؟
لكنها لم تكن تُجيب عن سؤالي
وتدخل الغرفة لتنام هي الأخرى
مرة
هربتُ من البيت وراءه
واتبعت خطاه
رأيته
يمشي
يمشي على رصيف ويحني رأسه
كأنه مثلًا يبحثُ عن شيء ما مفقود
عبر الشارع
وعند بيت يطل على حديقة
وقف ينتظر
يلوح برأسه هنا وهناك
ويحني رأسه كلما مر عابر دون أن يكترث لمواءه
ولكن
مرت دقائق، كنت أرتعد من البرد
وليس ثمة صديق يشعرني بالدفء
واحدة واحدة
أتى نحوه عدة صغار
وقفوا بجانبه
ثم نظرت إليه فتاة
أعجبت بعينيه السوداوتين
الغارقتين في بركة بيضاء ناصعة كالحليب
وضعت يديها على جبينه، تُداعبه
أحس بالحنان
أغمض عينيه
راح يشعر بالدفء والأمان
وأشياء أخرى كذلك
فجأة ٕ
لطمته بيدها الأخرى
ثم هربت وهربوا وضحكت وضحكوا
فبكى القط وراح يخطو نحو البيت
عدت وراءه
قفزَ على الأريكة واحتضن الوسادة
ثم نام
والحزن أغلق عينيه
قفزت وراءه
مسحت عن عينه الحزن
وضعتُ يديّ على جبينه أداعبه
ونظر لي
قلت
هذا حقيقي إني أعطيك الحنان
وأنني لست مثلهم
أغمض عينيه
لا لأنه يشعر بالدفء
وأشياء آخرى كذلك
أغمض عينيه ، رموشه تتحرك في خوف وارتعاد
اغمض عينيه
منتظرًا اللطمة