فتحي مهذب
آه لو تعلمين يا باربرا
كان بإمكاني يا باربرا
أن أفاوض مقاتلي طالبان وأخلصك من زئير الفراغ.
أفرغ مخيالك من ديكور القناصة المرحين.
من العنكبوت الذي يأكل شرايينك أمام مطار كابول.
من رائحة عرق المسدسات الأسيانة.
كان بإمكاني يا باربرا
أن أفاوض السحرة
لتطيري مثل حمامة
باتجاه العش المتدلي في سقيفة قلبي.
كان بإمكاني أن أوقظ ربيع السنة الفائتة.
ليرتدي حلته القشيبة.
ويملأ المرتفعات بأزهار الفانيلا.
يشعل المصابيح ويمسح دموع الأسماك.
كان بإمكاني يا باربرا
أن أهاجم تنين الزمن الضاري
وأخلص ذكرياتنا من قبضته
قاطعا رؤوسه السبعة بفأسي
أنقض الجنازة وأكسر نواقيس المعزين.
أخلص شاة صلواتنا من الغيوم
من الكواسج التي تتربص بالجوار.
كان بإمكاني يا باربرا
أن أقاتل جحافل طالبان المتدافعة
أزجر بوم الصيرورة
وأحطم مراكب اللاجدوى
أشرع باب قلبك وأحرر العبيد.
لكن يا باربرا
ثمة طائر من الشرق القديم
خطف سلة الضوء من عيني الكليلتين.
مفردا جناحيه العملاقين في الأفق
مخلفا كومة متجمدة من الجنون والرماد.
**
شذرات من كتاب الشمس
يحملون صخورا عظيمة
على ظهورهم المقوسة
وفي أسفل الجبل
يحولونها إلى ذهب خالص..
السحرة الذين تقفز الفهود من أعينهم.
الذين يملؤون سلال المخيلة
بالأحجار الكريمة.
يطلقون الزمن مثل كلب سلوقي وراء أرنب التفكير.
****
طائرك جن
صوتك متجمد مثل بوذي غاطس في سيمياء النور.
طائرك يطارده عرافون
نساء برؤوس مقطوعة
سبع عشرة رصاصة بطزاجة بوم الدوق الصغير.
الغابة عمياء
أشجارها لا تفكر بل تحدق في أزهار الجنازة
ولبرهانك المحدودب سيقان أم أربع وأربعين.
طائرك جن
المرضى يدقون الطبول في إصطبل اللامعنى
الماهية والهيولى والعرض
قش يسقط من منقادك المعقوف.
سيسمعك التنين إيقاع النار
شهوانية عيونها التي لا تحصى
لا يعزيك غير قارب مليئ بثياب الله الأزلية
طائرك جن
لا شيء يضارع غربته في الخلنج
عزلته الملطخة بدم النقاد
الكلمات التي تمر مثل العجلات المشتعلة فوق رأسه**
ستزرب ينابيع النور.
من رماده اليومي.
****
أنت قزم قرم ومتعفن أيها الواقع البهلول.
سندمر سفينتك المحملة بالجثث
صقورك المحنطة
التي تمضغ شرايين الموتى
سنثقب قبعتك أيها الطرطور
بطلقة طائشة
سنقطع قضيبك الذي ملأ أسرتنا
بالوحل والعار
نطاردك أينما حللت
في بيت جارنا العدمي
في مشرحة الأموات
بغليونك الفخم
وشاربك الثرثار
وزيك الشبيه بلباس المساجين
سيحملك الفلاسفة على ظهورهم
إلى سرير فرويد
ليجامعك ويفترس لاوعيك الطازج
سنفرغك من شرار اليوطوبيا
من الغنغرينا والحظ السيء
سندحض حججك في الكازينو
ونهدم الأصنام التي زرعتها في بهو الكلمات
أيها الواقع المهرج الشبيه بقرد الكسلان
سنقاتلك نرمي جثتك لكلاب المجرة.
لنقيم على أنقاضك مدينتنا الفاضلة.
****
آه يا زهرتي
كم يلزمك من قطرة ضوء
لتهبط السماء
مثل ملكة فرعونية
وتقاسمك عيد ميلاد المسيح؟.
****
يجر هيكله العظمي بحبل الجنون
عيناه المذعورتان تنقران حب المرئيات
وخياله ينبح في حديقة رأسه
يبدو أن ثمةَ لصاٍ من الهواجس
في الجوار.
صار ربانا في غواصة اللاتفكير
متجها إلى أحياز غائمة
يطارده حوت المتناقضات الأزرق
آه أيها السائق العبثي
لماذا انتحرت ليلة أمس
في حجرة الملابس؟.
****
مَن اختلس مجوهراتك النادرة
أطفالك المقدودين من طين الحظ العاثر
وادعى أن ثعلب الأمس
هو القاتل الوحيد
الذي نصب الكمين لغزلانك الشقر.
****
لوتريامون
لم أزل أحتفظ بملابسك في كلماتي
وجنونك في رأسي
لعنتك تقرع الأجراس مثل عاهرة
لتوقظ البومة الشريرة
الرب النائم في البلكونة
منذ ألف عام
الأصوات التي يخلفها العابرون
مثل حفر عميقة في الفضاء
لوتريامون
أجلب روحك بأسرار الناي
بنواحه الشبيه بصيحات الجدجد
روحك التي فرت في عربة الليموزين
باتجاه الأبدية
أيها الطويل المحدودب
مثل خيط من الظل العابر
أيها البطل المركزي في رواية الوجود العظمى
لم تزل رائحة كلماتك
تنساب من أطراف أصابعي.
****
العميان كثر
يدحضون الشمس بإبرة البرقماتيزم
كم هي مليئة جيوبهم بالغيوم
وأرواحهم المثقوبة
بالأصنام.
****
نسلك الطريق ذاته
تحت حراسة الليل والنهار
في الليل تهرب الفهود من رؤسنا
في النهار نرعى متناقضاتنا
مثل وعول مشاكسة
الشيطان ذاته
الذي يعشش في نصوصنا
ولا ينتبه أحد إلى ذلك
الملائكة تعمل باستمرار ممل
في مخيالنا القروي
لا شيء يصعد للسماء بعد الموت
لا شيء
لا شيء.
أيها التابوت
لماذا يداك متجمدتان
وقلبك ينبض بالموسيقى؟؟.
****
من أجل الحقيقة عشت
ومن أجلها سأموت.
****
روحك غيمة
جسدك مطر
والأرض أمنا الحبيبة.
****
أعتذر منك أيها الدوري
غلطتي الكبرى أني وضعتك في قفص
مثل سجين حرب
أنا مستاء من عبثيتي
من الوحوش التي تتقاتل في أبعاضي.
من ضباب القرون الوسطى.