شيرى أشرف
في صباح اليوم التالي لمحاولة قتل نفسي، وبعد إدراكي عدم موتي بعد، اكتشفت كم هو من السهل التنفس، فقط اسحب نفسا عميقاً إلى الداخل وأخرجه ببطء لتنجح عملية التنفس، بالرغم من انها كانت كالمعادلة المستحيلة مساء أمس.. لا يهم، ما يهم الآن هو أن الشمس مشرقة جدا، لم تكن يوماً بهذا البريق.
أتذكر أوائل شهر أكتوبر الماضي، في نفس هذا اليوم تحديدا، ولكن الفرق هو أن السماء كانت مليئة بالغيوم التي تصيبك باكتئاب مزمن يبقيك بالفراش حتى صباح اليوم التالي. أتذكر أيضاً كيف كنت أسير على قدمي للسيارة وأذهب لمقابلة أصدقائي وتغمرنا البهجة ونضحك ضحكاً هيستيرياَ حتى البكاء.. البكاء. لقد بكيت معهم من الفرحة و ليس العكس. اعتقدت أن هذه الأفعال ما هي إلا أساليب تقليدية تحدث كل يوم باختلاف المواقف حتى وصلت إلى تمنيها، أنا أتمنى الحياة التقليدية، أبكي كي أحظى بحديث عن مشاعري، أتوسل كي أروى ما حدث معي في آخر كل ليلة. وهذا ما كان يدور في ذهني حين سرحت عيني وأنا أقلب القهوة التي لم تجعلني أنام في وقت بناء الجسد “كما تقول أمي” أريد أن أسهر الليل، لم أنبهر بفكرة الموت في الفراش، فأنا أرغب قبل مماتي أن أودع هذه الشجرة الموجودة في حديقة منزلنا التي لم أهتم لأمرها يوماً، ولكني رويتها هذا الصباح، وصباح الغد سوف أتابع أوراقها وهي تنمو أو تتساقط. وبعدها سوف أذهب للركض، هذه المرة لن أصل طريق العودة للمنزل.. لا يمكنني أن اغير ما حدث في تلك الليلة و لكنني الآن في تحدٍ كي أغير نفسي. ما لم يقتلني لم يجعلني أقوى بالمناسبة، هناك بعض الأشياء التي لم تقتلني أوشكت على تحطيمي بالبطيء، ولكن هذا طبيعي أيضاً، أليس كذلك.
كل العالم يود أن يجعلك تصدق أن اعترافك بالهزيمة ضعف ولكن بحق الجحيم عليك أن تنزف وتنزف علناً. يجب أن يكون هناك فخر في الضعف، فالصدق هو النضج. وكل الأشياء التي لم تقتلني صنعت ما أنا عليه الآن. لن أنكر، كان الأمر صعباً وكنت خائفة وحيدة غير مرئية ولم أجد إجابات لاسئلتي وضللت الطريق مئة مرة وأردت الاستسلام ولكنني نهضت مجددًا.. بمفردي. حتى دون تخطي الأزمة، وأحببت الطبيعة.
أعطاني القدر فرصة أخرى للحياة كي أملأ بنفسي نصف الكوب وأطيل النظر إليه، كي أصبح أنا إلهامي. سوف أحب لون بشرتي وأمدح وجودي، سوف أتحقق من صحة رحلتي الخاصة وإثارة نفسي بالحقيقة حتى إن لم تكن رقيقة على قلبي، سوف أقوم بتمديد طاقتي وأحظى بوقت ممتع مع الأسرة، لم أبخل بمعلومة ولم “أداري” على شموعي كي تشتعل، فأنا أريد أن أضيء من الداخل أولًا، أريد أن استمتع بكل النعم التي وهبها لي الله، والتي لم أقدرها إلا وأنا على وشك فقدها. وها أنا أحظى بفرصة جديدة كى أصنع ذكريات مختلفةً بعيدًا عن هؤلاء متقلبي المزاج الذين وضعوا بداخلي التردد، عدم الثقة والخوف من المواجهة.
لقد نظرت للشمس كثيرًا حتى بدأت تأخذ من عيني بريقها.. تمامًا مثل ما يفعل “الانبهار”.