قميص واحد لإخوة أربعة

علي صلاح بلداوي
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

علي صلاح بلداوي

قميص واحد لإخوة أربعة

لأنّنا كنّا فقراء
لا نملك ثمنًا لشراء الملابس
كنّا نتناوب على قميصٍ واحد
نحن الإخوة الأربعة
يرتدي أخي الأكبر القميص
فنبقى نحن عراةً في البيت
وهكذا يعود أخ ويخرج آخر.
مرّةً خرج أخي ولم يعد
قالوا إنه طار الى السماء
لكنه نسي أن يترك لنا القميص
لم يفكّر كيف سنخرج إلى الشارع.
حسنًا
نحن الآن عُراة في البيت
وأخي يمرح بقميصنا في الجنة.

*****
لا تجرّب

جرّب أن تكون مرّةً طيرًا
ومرّة جدارًا
ومرّة شجرةً
ومرّة تمثالًا
ومرّة قاربًا
ومرّة عاشقًا
ومرّة ميتًا
ولا تجرّب أن تكونَ حافلة
تنقل الجنود إلى الحرب.

*****
هَمْ

الذي تذكر صوتكِ هذا المساء
دخَّن قصيدة طويلة
ونسي كيف يطفِئُها.

*****

من أمنيات الفزّاعة

أريد أن أركض معكِ في الحقل
تاركًا خلفي كل هموم السنابل وصراخها
أركض متخفّفًا من دبيب النمل
الذي لا يتعب من حفر مستعمراته في رأسي
ومن ثقل الغربان التي تشحذ نعيقها في أذني.
الكثير من النسوة العابرات إلى النهر
دسسنَ في جيبي ما حَفِظنَه من غزلٍ قديم
وما ردّدنه من أغانٍ لعشاقهن العائدين من الحرب
أريد أن أقرأها لكِ
حتى وإن كان لساني خشبة
وشفاهي مغلقةٌ بأعشاش الحمام.
يحزنني أن أقول هذا
وأنا فزّاعة الحقل الصامتة
وأنتِ التي كلما اردتِ
أن تمسحي عرق جبينكِ لتكملي نحر العشب
غرزتِ منجلكِ في ظهري.

*****

كانت خدودكِ تتوردُ رغمًا عن التراب

كان كلّما يكتبُ قصيدةً جديدة
يقصدكِ ماشيًا على رأسه
كما لا يفعل الناس
حاملًا بضعة أنهارٍ في عيونهِ ليروّض جفاف الأرض
وفي يديه باقة يأسٍ سيجعلها تنساب على ضفافكِ.
يقرأُ فتحطّ الطيور المهاجرة
على غير عادتها
ويمدّ الموتى آذانهم من الفتحات الضيّقة.
وبينما كانت خدودكِ تتورّد رغمًا عن التراب
كانوا يسألونك
: من هذا الذي يحبكِ
رغم أنكِ ميّتة.

*****

دليل

وضع حقائبه على الأرض
والتفتَ إلى الخلف
لكنه لم يجد أحدًا ليودّعه
ولم يجد أحداً يسكب خلفه طاسة الماء
ولم يجد أحدًا يسأله: إلى أين؟
وقبل أن يرحلَ
لم يجد أحداً يسأله عن الأثر الذي سيوصلهم به
إذا تذكّروه يومًا
لكنه أجاب من دون أن يسأله أحد:
من الدموع
من الدموع.
……………
*شاعر من العراق

مقالات من نفس القسم

علي مجيد البديري
يتبعهم الغاوون
موقع الكتابة

الآثم