عاطف محمد عبد المجيد
يمكن يكون مِدبّ، ولسانه بيحِدْف دَبش، ومش بيعرف زي ناس تانيين إنه يلِفّ القنبلة في ورقة شيكولاتة على حد تعبير إحدى صديقاته، بس ده ميمنعش إن قلبه أبيض من البفتة البيضا، ومن بياض الياسمين واللي في قلبه على لسانه، لأنهم، قلبه ولسانه طبعًا، متفقين، من لحظة ما صرخ صرخته الأولى على وش الدنيا، إنهم يكونوا زي بعض بالتمام والكمال، ومفيش واحد منهم يختلف عن التاني أبدًا.
كَوْنه مدب وبيحدف دبش يعني إنه واضح ومش بيعرف الألوان أوالتلوين والتلوّن، ومعندوش ماكينة استنساخ وشوش، تطلّع له الوش اللي هو عايزه، حسب المكان والزمان والموقف، والشخص اللي بيتعامل معاه والذي منه.
الحقيقة، سواء كانت مُرّة أو حلوة، هو معندوش غير وش واحد بيظهر بيه في كل الأوقات والمناسبات، وش واضح وضوح الأخت العزيزة الشمس في عز الضهر في عز عز شهور الصيف اللي بقت تقريبًا كل السنة.
واضح بأخطائه، واضح بالحاجات الحلوة اللي فيه، ده لو كان يعني عنده حاجات حلوة، والحاجات الوحشة برضو، ودي عنده منها كتير ما شاء الله!
واضح لأنه عِرف من زمان قوي، إنه شيء جميل يا أخي إنك تكون واضح، لأن وضوحك ده هيوفر على نفسك مجهود لِبْس الأقنعة والتمثيل، وهيريحك من حاجات كتير قوي أنت في غِنى عنها.
أي نعم وضوح حضرتك ده ممكن يقلب عليك الدنيا، ويزعّل منك ناس كتييير جدًّا، بس صدقني، أنا عطّوف اللي بقول لك كده، وممكن متصدقش براحتك والله، إن مفيش أريح من الوضوح. وخليك فاهم إن اللي يقبل يتعامل معاك بوضوحك ده لازم تاخده في حضنك وتطبطب عليه، وتشكره وتبوس إيده وش، وتبوس إيدك ضهر بعد كده.
إنما اللي وضوحك عامل له زي الشوكة في ضهره، فسيبهاله في ضهره خليه يشبع بيها. إنما لو أنت عارف إنه وش أذى وممكن يستخدم الشوكة دي في إلحاق الضرر بحد، يبقي مفيش مفر من إنك تاخدها منه، ولو تقدر تدي له السكينة، أقصد الصابونة، كمان إديهاله، وقول له مع ألف مليون مليار سلامات يا طويل العُمُر.
وعشان متتعبش نفْسك وتفكر كتير، إياك في يوم تتكسف من أخطائك، أو تزعل منها، عمومًا الأخطاء رزق برضو زي ما قال واحد صاحبنا. أخطاؤك حتة منك، لو وقعتْ فيها سيبها تظهر، ومتحاولش تخبّيها زي الكل ما بيعملوا.
مبقناش محتاجين نعيش على بعض دور القديس للراجل، ومريم العذراء للست. خليك متأكد إن دلوقت لا فيه بني آدم قديس، ولا فيه بنت حواء مريم العذراء. كل واحد فينا ومننا له بلاويه، زي ما له حاجات حلوة كتير، وده على فكرة مش عيب في حد ذاته. احنا بشر مش ملايكة. المهم البلاوي دي مش بتضر حد وملهاش دعوة بغير صاحبها اللي اتبلى بيها.
مشكلة الوضوح، خاصة في أم الزمن بتاعنا ده، إن كتير جدًّا ميعرفوش عنه حاجة، الكل غرقان في دور التمثيل والظهور بالشكل الفلُة الجميل، وأنا أكذب ونُص ومش كده وبس، إنما وكمان أتجمّل وأتزين وأتنكر وأتقنع وأتنيّل بستين نيلة.
ناس كتير متعرفش حاجة عن الوضوح، بس تعرف كل حاجة عن المليون وش ووش، واللي في الدِّرا شكل وقدام الناس شكل تاني خالص. بس والله، ولا لك عليا حلفان يا ابن الناس الطيبين، الوضوح مريح، وهو الأريح وهو اللي هيخليك عايش مستريح ومِريّح دماغك من وجع قلب ودماغ ملهمش أي تلاتة وسبعين واحد وتمانين لزمة.
ريح دماغك وعيش بوضوحك وعلى طبيعتك ومتشغلش نفسك إنك تبان حلو وكيوت وواو قدام الكاميرا، متعملش زي اللي هم ورا منها مش كده خالص مالص.
عايز نصيحتي ومن غير ما ألاقيني مضطر إني ألفّها في ورقة بونبوني أو شيكولا، مثلما ينطقها الأعزاء الفرنسيس وكما تتلفظ بها صديقتي الأرستقراطية بصوتها الرقيق الفتّان، نصيحتي لك يا ابن الناس الواضحين إنك تخليك واضح.
عِيش بوضوحك ده، حتى ولو كل اللي حوالين منك معجبهمش وضوحك، عادي.. يخبطوا دماغهم في الحيط، ولو الخبطة هتوجعهم يحطوا سفنجة بينهم وبينها.
عِيش بوضوحك وبراجتك، وخد بالك همَّ نفْسهم يكونوا زيّك، بس اللي غايظهم إنهم مش قادرين يكونوا زيّك، إمّا جُبْن منهم، أو مفيش عندهم شجاعة إنهم يظهروا بصورتهم الحقيقية بكل اللي فيها من عيوب قدام الناس زي ما حضرتك عملت. وكمان نصيحة، حتى لو هتاخدها على البيعة، ما هي فعلًا كده، هو حضرتك يعني دفعت تمن النصايح اللي فاتت!..مهما يتسبب لك وضوحك في مشاكل، إوعى تزعل وتلوم نفسك وتقول بينك وبينها يا ريتني كنت زيهم بمليون وش، عادي يا عم.. المشاكل كده كده بتيجي وبتشرّف، مش مشكلة يعني أبدًا إنها تيجي بسبب الوضوح، هي يعني جت على أمّه؟!
عيش حياتك يا صديق زي ما أنت حاببها، لو كنت حابب إنك تكون وواضح، وإوعى وإيّاك يأثّر فيك كلام شوية بتوع، أو بتاتيع، ده كلامهم لا هيودي ولا حتى هيجيب.
وقبل ما أقولك وأدعوك إلى إنك تسمع وتستمخ بأغنية الست لطيفة التونسية اللي اسمها ” واضح “، اللي واضح برضو إنك يمكن مسمعتهاش أو مسمعتش عنها قبل كده، اسمح لي أقول لك:
شوفت بقى!..مش قلت لك في البداية اللي يعرف عطّوف ياما هيشوف؟!