حاوره: البهاء حسين
لا أذكر أنى فتنت بـ ” وحيد حامد “، كاتباً أو سيناريست، لكن اسمه أنبنى.. من العيب أن أكون معه تحت سماء واحدة ولا أحاوره. وقد سعيت ، ذهبت إلى الرجل فى قعدته المفضلة بأحد الفنادق على النيل، ثرثرنا معاً، على غير معرفة مسبقة، لمدة ساعتين، عن كل شىء. كان النيل ساكناً تحتنا كحصيرة ، بينما وحيد يرغى ويزبد كالمطر، كأنه لا يحمل فوق كتفيه 67 عاماً ولا يخبئ فى قلبه علة. تبادلنا النميمة عن أشخاص كنا نظنهم كباراً، وبحنكة رجل خبر الدراما فى الشارع، قبل أن يخبرها على الشاشة، استرسل فى الإجابة على أسئلتى. والواقع أن أسئلتى لم تكن، هى الأخرى ، أكثر من نميمة على الوطن وسنينه وما يحصل فيه :
* أستاذ وحيد .. لماذا الخوف من الإخوان؟
– أنا مش خايف من الإخوان، الإخوان فصيل سياسى أصبح موجوداً الآن على الساحة، كالآخرين، إنما أنا خائف من الدولة الدينية. بس!
* البعض يعزو نيتك عدم كتابة جزء ثان من” الجماعة” لهذا الخوف؟
– ومن قال لك إننى لن أكتب الجزء الثانى. أنا شغال فيه الآن، ولا صحة لما تردد عن هذا الأمر، هو لازم أعمل زيطة وزمبليطة وشوبش يا حبايب!
* وهل كنت محايداً بقدر كاف فى الجزء الأول، ألم تكن منحازاً ضد الجماعة؟
– الحلقات تعاد الآن بإحدى القنوات، أتفرج عليها وأحمد الله الذى ألهمنى أن أكون منصفاً، أنا سعيد، لأننى كنت صادقاً ومراً فى نقدى للحزب الوطنى والنظام السابق فى نفس المسلسل
* أثير غبار كثيف حول المسلسل. ما السبب؟
– من صنع الجماعة ولا علاقة لى به. شوف أنا كتبت دون خوف، كان ولائى لموضوعى دون مراعاة لأى اعتبار، وأنا اعتمدت فيما كتبت على وثائق ومراجع موجودة، ومن يشكك فى هذا عليه الرجوع إلى المراجع
* كثير من أبناء جيلك انخرط، نتيجة المد الأيديولوجى فى الستينيات، فى فكرة ما، أو مذهب أو جماعة كالإخوان مثلاً، لكن ذلك لم يحدث لك ؟
– فى فترة الخمسينيات كنت طالباً فى مراحل التعليم الأولية، فأنا من مواليد 1944، لم يكن وعيى يسمح لى بالانخراط فى شىء، ولا كانت الظروف تسمح بذلك، ولا تنس أننا كنا مشبعين بالمد الثورى وعبدالناصر، لكن علاقتى بالثقافة الحقيقية بدأت مع مجيئى إلى القاهرة فى الستينيات. هذه الفترة كانت مليئة بالاستنارة، كانت الثقافة مكوناً أساسياً، ومن مزايا حكم عبدالناصر أنه لم يحتقر الثقافة. كانت مصر فى هذه الفترة تصنع الأفكار، فى هذا المناخ تشكلت. كانت المسارح كلها مضاءة.. المسرح القومى، الكوميدى، مسرح الجيب، المسرح الحديث..
* الخلاصة أنك لم تمر على الإخوان؟
– لا، خالص
* هل هناك عداوة؟
– ليس بهذا الشكل، إنما الدين الإسلامى دين الجماعة الواحدة، وبالتالى أرفض أن تكون هناك جماعات متعددة داخل الدين الواحد، لأنها تفتته، وهذا هو الحاصل، عندنا الإخوان وعندنا الجماعة الإسلامية وجماعة السلفيين، هذا كله يضعف الدين ويجعل المسلم العادى فى حيرة من أمره، مبلبلاً بين الصح والخطأ، ويجعل الحقيقة تتوه. لو أن الإخوان جماعة تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتدعو إلى الدين فى سماحة، ربما كنت أحد أعضائها.
* أُمال هى إيه؟
– لأ، هم جماعة سياسية، اقتصادية، وإن أنكر الإخوان. لازم نعرف أن الإخوان حالياً مؤسسة مالية لها طموحات سياسية. بس، بدون لف ولا دوران
* متى دخلت جرثومة السياسة للجماعة؟
– حسن البنا كان صاحب طموح منذ البداية، كان يريد أن يبقى من رؤوس الدولة فى ذلك الوقت، وعندما تنظر للسياسة وتحس بالزهو والقوة،لأن الناس حولك، لا بد أن تتغير، لأننا، فى النهاية، بشر
* نرجع لـ “وحيد حامد “، بم تشعر حين تشاهد أعمالك؟
– أنا لا أشاهدها عمداً، لست مفتوناً بنفسى إلى هذه الدرجة، أنا أتفرج على أفلامى عندما لا أجد شيئاً آخر أتفرج عليه. يعنى أنا ما باجبش شريط فيديو لفيلم لى واتفرج عليه مخصوص، هذه نرجسية وحاجة بايخة. إنما لما تكون قناة عارضة لى فيلم أقعد أشوفه. والحمد لله راضى عن نفسى جداً
* تشعر أنك قبضت أتعابك من الحياة ؟
– الأتعاب تكون على حسب ما تريده من الدنيا
* وماذا كنت تريد منها ؟
– لا شىء أكثر مما أنا فيه، ودعائى الدائم هو الستر
* أما زال الطفل وحيد حامد بداخلك؟
– لا أستطيع الإجابة، لكننى متسق مع نفسى
* هل الكاتب طفل بالضرورة؟
– الكاتب الحقيقى الذى يمكنك أن تقرأه بحب، لا بد أن يكون أبيض من الداخل، لازم. حين أتعثر فى قراءة شىء أو فى الفرجة عليه، أعرف فوراً أن الكاتب، من الداخل، أسود.
* وما الضريبة التى تشعر أنك تدفعها، نتيجة ما وصلت إليه، حكاية عمالتك لأمن الدولة، حقيقة أم ضريبة؟
– من حق كل واحد أن يطلق قنابل الدخان، لكن حكاية العمالة مع أمن الدولة ملازمانى من زمان
* من زمان بيقولوا عليك عميل؟
– ( بسخرية خفيفة ) آه
* ليه يا أستاذ وحيد؟
– لأنى فى فيلم ” اللعب مع الكبار” طلعت ضابط أمن دولة سوى، ولديه إحساس بالوطنية، فالكارهون لأمن الدولة استنكروا أن يكون هذا الضابط هكذا! والحقيقة أن هناك ضباط أمن دولة كويسين، وإلا كانت البلد خربت. ليه بنتصور أن كل الموجودين فى الشرطة أشرار. إطلاقاً، لا بد أن هناك خيّرين. سأقول لك شيئاً لا بد أن تذكره.. بعد 25 يناير تعاملنا مع الضباط كأنهم كلاب جربانة، يوم 24 يناير احترق أحد المصانع بالمقطم والضحايا 7 من ضباط الشرطة. دخلوا النار وماتوا. فلماذا نتحامل على شخص اتهم بالتعذيب وننسى آخر ضحى بنفسه. إذن شأن كل جهاز، فيه الصالح والطالح. المشايخ نفسهم كذلك، كل الفئات.
* اعتبروك بتجمل أمن الدولة؟
– رغم أن المسألة ليست كذلك، ولا تنس أنك كلما حققت شيئاً ستجد من يحدفك بالطوب. وهناك شىء أكرره دائماً: أن واحداً مثلى لن ينزعج من هذا الكلام. لما تحب تعرف وحيد حامد هات أفلامه واتفرج عليها، أنا لست كغيرى ممن كانوا يمسكون الصاجات وبيرقصوا، وفجأة تحولوا إلى الرقص أمام الحاكم الجديد، لأ، أنا لم أطبل لأحد ولم أزمر لأحد، أنا وحيد حامد وأقولها بكل فخر.
* يمكن أن نسمع من شخص آخر هذا الكلام ونعتبره شائعة، لكن مخرجاً فى حجم مجدى أحمد على، لماذا يقول عنك هذا الكلام؟
– اسأل مجدى عن ذلك، أنا كنت، طوال عمرى، باعتبره معايا فى نفس المركب، ولا يوجد بيننا لا خصومة ولا شغل، والفرية التى يدعيها عنى لم تحدث قط، وأنا تحديته أن يثبت هذا الادعاء، وعلى فكرة مجدى إدانى البراءة، لأنه استشهد بـ “سعد هنداوى”، ولما سئل سعد أنكر تماماً علاقتى بأمن الدولة، ثم إن مجدى زعلان لأنى قلت عليه كذاب، أيوه.. مجدى كذاب! إنت جاى تتهمنى بالعمالة ومنتظر منى أطبطب عليك!
* إذن أنت تنفى أية علاقة لك بالأمن، أو حتى أنك كنت لسان حال النظام ؟
– ها أقول لك حاجة، ما فيش حد بيخدم النظام ببلاش. قل لى أنا أخدت إيه. أنا طول عمرى أمتهن العمل الحر، فما عسى أن يعطينى النظام !
* وتصعيد مدام زينب سويدان، زوجتك، لرئاسة اتحاد الإذاعة والتليفزيون، وكون مروان،إبنك ، يخرج برنامجاً عن الرئيس السابق، قيل إن هذا ثمن تعاونك ؟
– ( بغيظ وهدوء ) بص، أخشى ما أخشاه أننا دخلنا زمن الصعلكة، دعنى أسألك، وسامحنى إن كان السؤال وقحاً، هل كان هناك من هو أكفأ من زينب سويدان فى قطاع الأخبار. زينب طلعت السلم خطوة خطوة، ولم تقفز على المنصب! هل تعلم أنها لم تكن تتقاضى أكثر من المرتب المخصص لها كرئيس للتليفزيون، وبالمناسبة لم يكن يتجاوز 8 آلاف جنيه، كانت ترفض مكافآت الإشراف وخلافه، ثم إن مروان مخرج سينمائى ، لو كان مخرج الرئيس لما أخرج “عمارة يعقوبيان ” بكل ما فيها من غضب على النظام، كل الحكاية أنه أخرج فقرة مدتها ربع ساعة بتكليف من عماد الدين أديب، حوار مع الرئيس. مروان زى أمه وزى أبوه رجل مستقل تماماً، بيعمل إللى هو مقتنع بيه
* يعنى وحيد حامد = لسان حال … ؟
– أنا لسان حال الناس، وارجع لأرشيفى
* الأدب والدراما، الانتقال من مياه الأدب الشحيحة جماهيرياً، إلى الدراما، بدأت كاتب قصة، وانتهيت سيناريست. هل وجدت نفسك؟
– بدأت بالقصة، كما قلت، لكننى بدأت متأخراً عن جيلى ولم أكن مميزاً، جيلى : جمال الغيطانى وعزت عواد وأحمد هاشم الشريف..إلخ . مجموعتى القصصية الأولى أعطيتها ليوسف إدريس، لكنها لم تعجبه، كنا أمام مبنى ماسبيرو فأشار لى عليه وقال: مكانك هنا، ومن هنا اتجهت للدراما وفيها وجدت نفسى
* ما الذى كنت، وما زلت، تحلم به وتنتظره؟
– فى الوقت الحالى أحلم بأن أرى مصر منورة زى ما شفتها فى يوم من الأيام
* وكم يستغرق هذا من الوقت، ماذا تحتاج مصر، لكى تنور ؟
– لست متفائلاً، لسبب بسيط جداً.. أن المشكلة لم تعد فى نظام الحكم، الخلل أصبح فى الناس. تحتاج مصر إلى أن تتكون وتتأصل من جديد .إحنا تغيرنا، الشعب أصيب بآفات تضخمت بفعل الفقر والجهل والإهمال
* بفعل فاعل يا أستاذ وحيد ؟
– بكل أسف
* وماذا نفعل.. نحن نعرف أن إعلامنا فاشل وتعليمنا فاشل والثقافة فاشلة والحاكم كان فاسداً، ما الحل يا أستاذ؟
– هناك دول وصلت لحال أسوأ بكثير مما نحن فيه، انظر لتركيا، ماليزيا وغيرها.. دائماً نقول فى مصر: ربنا يولى من يصلح. عندما يأتى حاكم يصلح، ستكون مصر أفضل. نحن الآن فى مفترق طرق
* نحتاج إلى مخلص ؟
– أكيد
* من يحمل جينات المخلص فى هوجة المرشحين للرئاسة ؟
– لا أحد
* حتى عمرو موسى والبرادعى؟
– لما نشوف من سيترشح رسمياً
* لمن تعطى صوتك وعلى أى أساس؟
– سأختار الرئيس القادم بناء على حسه الوطنى وعلى زهده
* أى ترمومتر نقيس به الحس الوطنى هذا؟
– أنت تختار رئيس حمهورية لا رئيس نادى، المسألة …
* وهنا اضطررت لمقاطعة حامد، فأنا استعجل المخلص، كأن مجرد الترشيح، مجرد التمنى سيأتى به، قلت للسيناريست الجهير، وملاعق الشاى تدور فى الفناجين الفخمة التى لا أحبها: ستختار على أساس..واحد .. اتنين؟
– أولاً لا بد أن يكون شخصية قوية ونافذة ومؤثرة. ثانياً : الخيال والرؤية البعيدة
* الرؤية الاستراتيجية ؟
– أيوه، أنا مش عايز موظف، عاوز واحد عندما يعجز عن إدارة البلاد يستقيل، مش عايزة يتبت فى الكرسى، من يفشل فى إدارة البلد عليه أن يرحل. الآن هناك مرشحون هبل ( جمع أهبل)، بحجة الديموقراطية. أنا عايز أسأل الناس دى: فى حد فيكوا وقف قدام المراية وسأل نفسه: هل أنت كفء لهذا المنصب! لا أعتقد أن أحداً من هؤلاء قد فعل ذلك!
* يعنى البرادعى وعمرو موسى ما عندهمش مرايات ؟
– ……
* لماذا يا أستاذ وحيد يبدأ الحاكم صالحاً وينتهى بالفساد، والأمثلة كثيرة .. الملك فاروق، حسنى مبارك ..؟
– السلطة تغير، الكرسى .. ( وابتسم السيناريست ابتسامة ساخرة ومريرة قبل أن يكمل ) الجلوس على هذا الكرسى شهوة دائمة
* ألم تحلم يوماً به ؟
– أعمل به إيه
* كرسى الكاتب عمره أطول؟
– طبعاً، أنا رئيس جمهورية الترابيزة التى أكتب عليها
* سعيد بثورة 25 يناير وما تحفظاتك عليها؟
– أنا كنت أسعد الناس بها، الآن لست سعيداً
* لماذا؟
– هى فين الثورة، إحنا محلك سر. لم نفعل شيئاً
* ومن المسئول عما نحن فيه: المجلس العسكرى،أم مجلس الوزراء، الأحزاب، النخبة، الشارع، البلطجية، من المسئول؟
– من الذى يدير
* المجلس العسكرى؟
– ومين تانى
* مجلس الوزرا؟
– هما الاتنين، أحملهم المسئولية، مش قادرين يصلحوا يمشوا. المجلس العسكرى يملك القوة، لكنه لا يفعل شيئاً. العجز فى كل مكان
* بصراحة، هل لديك شكوك فى المجلس العسكرى؟
– شاعر بعدم ارتياح، للجيش هيبة كبيرة وله احترامه. الهيبة مصدرها القوة التى عليها الجيش، ومصدر الاحترام أن أفراد الجيش جميعاً هم أبناء الشعب، لكنك عندما تترك البلد مفكوكة هكذا، سداح مداح، فأنت تهدر الهيبة والاحترام.
* هذا هو الأثر الجانبى لأية ثورة ؟
– ( بانفعال ) لا لا، من فضلك، ما تقولش أثر جانبى، ما تقولش الحكاية دى. لأن الذين يدعون بالباطل بأن لكل ثورة سلبيات هؤلاء أناس محبطون.
* فى أية مرحلة شعرت بأن الثورة تواجه لحظة حاسمة؟
– فى الخطاب التالى لمبارك، بعد خطاب التعاطف، كان خطاباً سمجاً مثيراً للغيظ. بعد ما شفته، قلت: خلصت
* هل كانت الجبهة التى سيقف فيها الجيش، مع الشعب أو الرئيس ، محسومة بالنسبة لك؟
– مع الشعب، كانت محسومة، شعرت بها حين امتدت يد المشير تربت على خد الجندى، أمام ماسبيرو وقال له: ما لك مكشر ليه، كل شىء ها يبقى زى الفل
* كانت رسالة إذن من المشير ؟
– بالضبط
* هل لك علاقة به ؟
– خالص
* وأحمد عز؟
– قابلته مرة
* صفوت الشريف؟
– أعرفه كويس أوى
* وما رأيك فى الظلال التى تركها خلفه؟
– اعفينى من الإجابة
* حسنى مبارك؟
– برضه اعفينى
* جمال مبارك؟
– يتحرق
* وسوزان مبارك؟
– تتحرق مرتين
* أحمد نظيف؟
– فى داهية
* كمال الجنزورى؟
– راجل محترم
* عاطف عبيد؟
– ………
* عاطف صدقى؟
– الله يرحمه
* فتحى سرور؟
– ربنا يديله الصحة
* بتتريق وللا بتتمنى له الخير؟
– لا خير ولا شر، كل إللى إنت بتسألنى عنهم أتمنى أن يخضعوا للعدالة. أنا مش ها اعمل من نفسى قاضى. عيب ! وقد أسفت أن المتظاهرين فى محاكمة حبيب العادلى ذهبوا إلى المحكمة بمشانق. لما القاضى إللى بره يحكم بالإعدام، أمال القاضى إللى جوه بيعمل إيه ! إذا أردت العدالة، طبقها أولاً. أنا مش فى الصعيد هنا وهات البندجية يا ولد ! نحن فى دولة متحضرة. من أفسد ينل جزاءه، بيد القاضى
* أما زال العدل هو ذلك النجم البعيد ؟
– العدالة زيها زى كل شىء، لها انحرافاتها فى بعض الأحيان، لكن تظل الملاذ الوحيد لكل الناس
* ما الذى يبقى من مبارك ؟
– ( بعد تفكير لم يتجاوز 30 ثانية ) يبقى منه دوره العسكرى
* ألم يبالغ الإعلام فى هذا الدور؟
– يا جماعة لأ، مش كده
* ده رأى هيكل؟
– معلهش، هيكل ما كانش جوة الجيش، أنا كنت عسكرى فى الطيران وحسنى مبارك كان القائد
* إذن هى حسابات شخصية يصفيها هيكل؟
– أنا ما اعرفش هى حسابات شخصية ولا لأ. عيب، القادرون على تقييم آداء الجيش هم الخبراء العسكريون والجنود الذين قاتلوا فى الحرب. ربنا لما ها ييجى يحاكم حسنى مبارك ها يحط له الميزان .. الحسنات فى كفة والسيئات فى كفة، ولا عصمة إلا للأنبياء. مش معنى إنه حسنى مبارك قد أفسد، يبقى ندوس على كل إللى عمله! ليه إحنا مش مؤمنين بالعدالة
* من كتر ما تعودنا على الظلم؟
– هو أنا أخلص من ظلم علشان أستبدله بظلم
* متفائل بحكاية رجوع الأموال؟
– ترجع فى حالة واحدة بس .. إذا الناس دى راحت جابت الفلوس
* مقابل العفو؟
– مش شرط، لازم نصل معهم لصيغة، أنا رأيى أن هؤلاء قد ماتوا، فلا ينبغى أن نطلق عليهم رصاصة الرحمة
* الثورة بدأت أم انتهت أم خطفت؟
– تاهت، زى العيال الصغيرة لما بتوه فى المولد
* ومن صاحب المولد؟
– التيارات الإسلامية وجماعة الإخوان
* ومن من الكتاب والشخصيات العامة ؟
– كتير أوى
* ألم تذهب إلى التحرير؟
– لا
* لم ؟
– كنت عيان، كنت عامل دعامتين فى القلب، لم يكن باستطاعتى الذهاب إلى الميدان
* وهل كان لك اتصال به؟
– يومياً كنت أتصل بالميدان، كنت ثائراً فيه وإن غبت عنه، وعندما شعرت أن الإخوان ابتلعوا الثورة، كلمت الثوار ونبهتهم
* هل ما زالوا؟
– الإخوان ناصبين الذكر بتاعهم، عاملين الزفة بتاعتهم، خليهم عاملينها
* وإلى أين قد يصل الإخوان؟
– تاريخياً لم يؤذ أحد حزب الوفد بقدر الأخوان. الإخوان قاموا على أكتاف الوفد، والخصومة بينهما واضحة والمنهج مختلف، مع ذلك هم الآن سمن على عسل. من الانتهازى فيهم، لا أعرف
* هل هناك قضية تبنيتها وتشعر أنها مهدت للثورة، الآن هناك سباق محموم عن الرواية التى تنبأت بالثورة والقصيدة، وا…وا؟
– خلينا عاقلين، هذه الثورة عفوية، كانت أصلاً مظاهرة، قام بها شباب لم يلوثوا. النقاء هو الذى حمى الثورة وجعلها تنطلق، التف الناس حولها فكبرت وأصبحت ثورة، انضم لها كل المتألمين وكل الساخطين، فليس من حق أحد الادعاء بأن روايته أو فيلمة كان وراء قيامها.
* وهل تفكر فى عمل شىء عنها، فيلم مثلاً؟
– كذاب أيضاً من يجزم بذلك. لأن الكتابة بحاجة إلى فترة حمل تطول أو تقصر، إلى أن تأتى لحظة الميلاد. فى هذا الجو المتوتر لا أستطيع التكهن بالمستقبل
* أنا مفتون بأنتونى كوين، آل باتشيو، روبرت دينيرو، راسل كرو، لكننى أفتش عن أثر فى وجدانى لممثل عربى، وأخشى أننى لا أجد أحداً، باستثناء أحمد ذكى؟
– شوف، خد منى ، الفيلم السينمائى عمل جماعى ، الممثل الجيد وراءه نص وإمكانيات هائلة، عندما تتكاتف هذه الإمكانيات ستجد لدينا روبرت دينيرو وجاك نيكلسون وغيرهم، لكن المناخ الآن غير موات
* اذكر أسماء ترى أنها جديرة بأن تكون جزءاً من وجدان العالم
– لدينا ممثلون عظماء ؟
* مثل؟
– أنت ذكرت أحمد ذكى، الله يرحمه ، عندنا عادل إمام، وخالد صالح، يحيى الفخرانى، ومن الجيل الجديد أحمد عزمى
* وإيه رأيك فى خالد الصاوى ؟
– مشكلة خالد الصاوى هى اعتقاده أنه يصلح لكل الأدوار، وهذا غير حقيقى
* أنا لا أرى أن عادل إمام صاحب موهبة عظيمة ولا يحزنون؟
– هذا رأيك، عادل عندما يوظف إمكانياته فى عمل مهم، بيبقى ممثل فذ. روبرت دينيرو، إللى إنت مفتون بيه لما اتعرض فيلم “عمارة يعقوبيان” قال: مين الممثل العظيم ده
* سأكره روبرت دينيرو ؟
– لأ ، ليه !
* ومن الممثلات ؟
– من الراحلين كنت مفتوناً بأمينة رزق وسناء جميل، الآن هناك فاتن حمامة
* عمر الشريف طاقة محدودة، شهرة واسعة ، وقيل إنه دخل المجال المغناطيسى للعالمية . هل هذا صحيح؟
– يكفيه دكتور زيفاجو ولورانس العرب، له أدوار كثيرة . ولا ينبغى أن نبخس الناس أقدارهم
* سمير سيف، شريف عرفة ، عاطف الطيب. من منهم وجدت نصك معه؟
– لم أعمل مع مخرج إلا برضى كامل، وكل الأسماء التى ذكرتها من أفضل المخرجين الذن تعاملت معهم
* من أكثرهم موهبة ؟
– كلهم يقفون على درجة واحدة
* قرية بنى قريش، بالشرقية. كلمنى عن مسقط الرأس، ثم ما الذى يورطك فى محبة المكان ؟
– صلتى انقطعت بقريتى، للأسف وعندما زرتها آخر مرة، منذ عشر سنوات لم أعرفها، لذلك قررت أن أنقطع. الشىء الذى بقى لى من القرية قعدتى هذه. كنت هناك أذاكر فوق سطح بيتنا وأرى منه منازل القرى الأخرى. لما كان الواحد يولع الكانون كنت أرى الدخان على بعد 2 كيلو . ولذلك لا أستطيع الكتابة إلا إذا كانت هناك مساحة من الخلاء . أحب الخلاء والمكان إذا لم يكن واسعاً لا يسكننى
* بتحب السفر؟
– عندما يتاح لى
* ما المدينة التى وقعت فى غرامها؟
– نيس، كلما أشتد بى الضيق، أقطع تذكرة وأسافر نيس
* ما الذى يبقى من أسامة أنور عكاشة؟
– أصالة الكلمة والهدف
* ومنك أنت؟
– أنا زى الأرض .. مرة بتطلع حسك ، ومرة بتطلع برتقال.
* بقى شىء أخير، أننى وأنا أترك جمهورية الترابيزة لرئيسها وحيد حامد، سلطت العدسة على وجهه وكان شارداً، قلت له: اضحك يا ريس الصورة تطلع حلوة.
وحيد حامد فى ثرثرة فوق النيل: حكاية العمالة لأمن الدولة “من زمان ملازمانى”
البهاء حسين
شاعر مصري من مواليد سوهاج فى 18 مايو 1969م، ويعمل صحفيا بجريدة الأهرام
صدر له:
- نفس البحر، شعر، هيئة قصور الثقافة 1999 م
- تأويل العابر، كتابات نقدية، هيئة قصور الثقافة 2000 م
- البحر كالعادة، شعر، هيئة قصور الثقافة 2001 م
- عود ثقاب أخير، شعر، الهيئة العامة للكتاب 2002 م
- نص الكلاب، شعر، دار فرحة، 2003 م
- قريبا ًمن بهاء طاهر، محاورات وملامح، المجلس الأعلى للثقافة 2004 م
- آثار جانبية للسعادة، شعر، أصوات أدبية، هيئة قصور الثقافة، 2008 م
- صيد وحيد، مختارات شعرية، كتاب "إبداع" هيئة الكتاب 2010م
- بكل جسدى .. بكل طفولتى، شعر، دار العين، 2011 م
- يمشى كأنه يتذكر، شعر، الهيئة العامة للكتاب، 2020م
- الأحياء يخبرون قصتهم، حوارات عن مبارك وعصره، دار روافد 2021م
.
قيد النشر:
- جردل فارغ ثقبته الظروف، شعر
- عجل يلهو أمام أمى، كلب يلهو أمامى
- تأخذنى الخطوة، يأخذنى الطريق، شعر
تصفح مقالات الكاتب