سارة عبد النبي
المهرج بداخلي قاوم كثيرًا حتى انهزم، لم يعد قادرا على تسلية الصغار، لم يعد قادرا على القفز بمرح، لم يعد قادرا على مزج ضحكاته بأحزانه عندما يغني، فقد رجحت كفة من الميزان، نضب البئر الذي كان يلون منه وجهه الحزين بألوان مبهجة.
****
في هذا الوقت من كل عام، أفقد شيئا ما، لا أدرك ما هو، لذلك لا أستطيع أن أخبر عنه أحداً، فقط أستيقظ وأنا أشعر بالخسارة، إحساس الفقد أيضا يشبه إحساس اليتم، طفلة صغيرة بشعيرات بيضاء وقلب عجوز، تمضي وحدها في الحياة، ينهمر بداخلها بكاء، لا تستطيع رده، ينهمر ليلا في الخفاء، ولكن بقاياه ظللت حول عينيها باللون الرمادي، لتفضح حزنها في النهار أمام الجميع..
****
بالأمس وصلتني رسالة معايدة من غريب، بداخلها أغنية من سطر وحيد، آهات المغني أسكرت قلبي، دار مع اللحن كقطة لا ترى في الظلام، خلف الأبواب المغلقة تموء بفزع، تريد الفرار، للشوارع المضيئة، لوجوه الغرباء، لأنصاف الفرص المتبقية، حتى وإن حاصرها برد الشتاء.
لذلك ربما أغادر غدا، فقط ليلة أخيرة، أقضيها في حضن أمي، أسألها بعدها بعتاب، لم زرع أبي تلك الزهرة الحزينة في حديقتك؟.