هدايا الوحدة .. عشاق المقاهي يكتبون الشعر

هدايا الوحدة .. عشاق المقاهي يكتبون الشعر
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

هشام الصباحي

هدايا الوحدة تجربة محمد خير الجديدة التي يقدمها إلى خزانة الشعر العربي على شكل ديوان قصيدة نثر بالعربية الفصحى عن دار ميريت بالقاهرة في طبعتها الأولى عام 2010 ..محمد خير كتب من قبل الشعر في هيئة العامية المصرية وقدم ليل خارجي عام 2002,بارانويا عام 2008.. اليوم يخرج علينا مرتديا هدايا وحدته ويقدم نفسه والهدايا بالعربية الفصحى وليس بالعامية المصرية كما اعتدنا أن نراه ويرى نفسه من قبل ..عبر قصيدة نثر مصرية.. وهنا في هذه اللحظة لابد أن ينبت سؤالا تقليديا لماذا فعل محمد خير هذا؟ وهل هذا التغير يمكن أن يُعد تطوراً من العامية إلى الفصحى؟..وهل اكتشف خير أن تجربته الشعرية على هيئتها العربية الفصحى سوف تكون مقروءة أكثر في البلدان العربية التي يذهب إليها كصحافي وكاتب وشاعر؟ ..لذا أراد أن يتواصل أكثر مع بقع متعددة تكون بقعة كبيرة أكثر رحابة وتعددية تدعى تاريخيا الوطن العربي..

في الحقيقة إن الأمر برمته شائك ولابد أن تتوالد على جنباته العديد من الأسئلة و سوف تنبت مثل الأشواك على جانبي الزهور وتجعلنا عندما نتحسس الزهر الشعري تدمى أصابعنا ونتعلم بالدم خيارات جديد في التلقي والتذوق.

سوف يكون السؤال المطروح قديما وجديدا مع هذا الديوان أيهما أكثر استيعابا للتجربة الشعرية وأكثر تواصلا مع الآخر.. العامية المصرية أم العربية الفصحى للشعر المصري خاصة وتجربة شعراءه في اللحظة الراهنة

إن الشرك والخديعة الأولى التي قام بها بكل احتراف الشاعر محمد خير المتآمر علينا كانت في العنوان الذي يصلح بنفس الجودة الفنية أن يكون بداخله أشعار عامية أو فصحى وقد ساعده على هذا التآمر علينا نحن النقاد والقراء الغلاف الرائع للفنان المتآمر دائما حتى على نفسه ليحصل على لوحة فنية وغلاف فريد لكل كتاب على حده و مختلف عن الآخر الفنان احمد اللباد صانع الغلاف ,واحد أهم جنود خديعة القارئ ليسقط في براثن شعر جميل وتجربة رائعة تعبر عن الإنسان فقط ,حتى وإن ظهر على الغلاف أربع أشخاص هم في حقيقة الأمر إنسان واحد..شخص واحد.. يأخذ وضع المشي في اتجاهات مختلفة وبألوان مختلفة .

في الديوان آليات وتقنيات شعرية هي ثمار أصيلة لقصيدة النثر المصرية ونظيرتها العالمية حيث التوازي المتعدد مع تقنيات القصيدة على اختلاف أراضيها الجغرافية أو الثقافية والدينية ومنها تقنية إعادة اكتشاف الكون ومكوناته والأشياء الصغيرة والكبيرة التي تخصنا وإعادة تعريفها من جديد وتقديمها من خلال النص الشعري النثري وهذه التقنية هي واحدة من أهم خلاصات التقنيات الشعرية في قصيدة النثر ومن الأمثلة على هذا عند خير الشرفات التي لم تتذوق طعم المطر,والمزهريات التي أصبحت في قاموس الشاعر والانسانى مقابر للورد,البراويز التي تسجن اللوحات, المسامير التي تدمى البراويز, الجدران التي تبتلع المسامير,الطلاء الذي يخفى الجدران,الشمس التي تفتت الطلاء, وفى ص 42 يتجلى ويكتمل الأمر

بيوتنا

متلاصقة

-رغم الكراهية-

بقوة الأسمنت,,

الشبابيك

تلمع في الواجهات

كدموع معلقة,,

إن الحكى الشعري الذي يتحول إلى سردٍ صافٍ يخص قصيدة النثر فقط تستطيع أن تشعر به وتحسه وتتذوقه ولا تستطيع أن تمسك به أو تكتشف قانونه الخاص الذي يفْرقه عن سرد الرواية والقصة القصيرة وكل الفنون الكتابية الأخرى ,

يتضح هذا ويتجلى في قصيدة “احتفالها السرّى ص 45 “

إن الفلسفة واستخدام المعادلات الرياضية والذهنية الجمالية كانت من أهم التقنيات الجمالية التي نمت وعاشت داخل ديوان قصيدة النثر هدايا الوحدة وربما تكون هي أهم الإضاءات الإنسانية التي سوف يسلمها الديوان إلى أصدقاءه الشعراء وسوف تتجلى في نصوص العديد من القادم, ومن النماذج المهمة لهذا في ديوان خير وهى معادلة تشابه المصائر مع اختلاف الحالات حيث يقول ص49

سعداء

لا حاجة بهم

للأحلام,,

يائسون

لا طاقة بهم

للأحلام,,ا

إن المكاشفات وخلاصة التجارب ومفاتيح الفهم الانسانى في لحظته الراهنة شديدة القتامة والتعاسه احد أروع تقنيات الديوان ويتجلى هذا في قصيدة اضطرار ص 59 حيث يقول ويكشف ويعترف

تأليف الروايات

يحتاج إلى تجارب

يفتقر إليها عشاق المقاهي

فيكتفون بالشعر,,,

إن حالة الديوان تتناقض تماما ظاهريا مع ديوان سيد حجاب الأخير في الصياغة الشعرية حيث أراد سيد أن يكون أكثر صياحا وعاميا وأراد محمد أن يكون بلا صوت وخاص جدا وفصحى ولكن تظل

ترجمة بهاء جاهين الشعرية لشكاوى الفلاح الفصيح واقفة في المنتصف ,حيث التعبير عن عام ومتواصل يبدو من القراءة الأولى خاص ..هذه التجارب تذكرت الرابط بينهم أنهم ثلاث شعراء من قلب مصر ولقلب وروح الإنسان سواء كان مصريا أو لا,والثلاثة لهم ثلاث دواوين عن نفس الدار ميريت,وفى نفس العاصمة العربية ..القاهرة.

خاص الكتابة

مقالات من نفس القسم