اللعب:
هو المعنى الأساسي الشامل للمجموعة ككل، فتجد “اللعب” أو أحد مرادفاته في عناوين ستة من نصوص المجموعة، بل إن اللعب موجود في كل النصوص بلا استثناء، ليس فقط باستخدامه كلفظ ومعنى “اللعب”؛ لكن يبدو اللعب أكثر في الكيفية التي كُتبت بها نصوص المجموعة ككل.
يشعرك كل نص أنه عبارة عن لعبة يلعبها الكاتب مع نفسه ومع القراء، بل ربما يتلاعب فيها بالمتلقي! من الصفحة الأولى للنص الأول”اللعب” (ص7)، يصدمك الراوي اللعوب بطرح شخصيات غير معهودة، فتجد من شخصيات النص: الصدق والكذب، النور والظلام، والحب..؛ لكن بدون الكراهية، يجد المتلقي نفسه غارقًا في الحركة من “البيت” إلى “الملعب”.. ثم إلى داخل كرة (اللعب/العالم) نفسها لينتهي النص بامتزاج “العوالم، الكائنات، الأفكار، والمشاعر…” (ص 15)، وفي “يلعب مع العالم” (ص113) تدور اللعبة في حركة سريعة ودائمة من لاعبون لا يقلون غرابة: السماء، والبحر، والليل، والسحابات، ويستمر اللعب “… إلى ما يبدو أنه لا نهاية…” (ص119).
العالم:
كما ذكرت من قبل فالكاتب عالمه الخاص، الأمر ليس فقط محاولة من الكاتب لاستعراض خياله وإثارة دهشة القارئ؛ بل هو مشروع متكامل يستكمله الكاتب بحرفية و إتقان، مشروع رأينا بدايته في مجموعته السابقة “قبل أن يعرف البحر اسمه” وظني أننا لم نر نهايته بعد.
بقراءة المجموعتان يستطيع القارئ الواعي ملاحظة بعض الأسس التي تحرك هذا العالم، بالإضافة لسيادة “اللعب”، كحالة عامة وهدف في حد ذاته، نجد أيضا:
– تحويل المجاز إلى واقع متحقق، مثلا في “عيناها أجمل مكان للحزن” (ص 25)، حيث نجد الحزن يسكن عيناها فعلاً، وفي “ألعاب وموسيقى” (ص111) يفتح الرجل صدره ويسكب قلبه، فتخرج منه فرقة موسيقية، وغير ذلك كثير.
– التاريخ الأسطوري للعالم، وهو مايتضح في نصوص مثل”البحر” و”قيثارة” في مجموعة “قبل أن يعرف البحر اسمه”، و”كمنجة تعزف غير مبالية بأي شئ” و”عيناها أجمل مكان للحزن” في هذه المجموعة”.
– التكامل بين تفاصيل العالم، دائمًا نجد روابط بين النصوص المختلفة داخل العالم، فنجد “الحزن” و”الملعب” مشتركين بين “اللعب” و”عيناها أجمل مكان للحزن”، وفي “قصة تسهر طوال الليل، وتجول العالم في الصباح” (ص49) نجد إشارات للمجموعة الأخرى؛ “فبدأت الأم تحكي مجموعة من القصص التي حدثت قبل أن يعرف البحر اسمه…”.
القصص:
ليس غريبًا على «الفخراني» أن يتقن تعامله مع كل نص في المجموعة كقطعة فنية مستقلة؛ لكنه مع الحفاظ على الخيط الخفي، والذي يشمل المشروع ككل؛ يظهر التباين والاستقلال بين النصوص في الفرق –مثلاً– بين الصبغة الغرائبية الـ… لنص مثل “الساحر” والحزن والشجن المتبدي في “كمنجة تعزف غير مبالية بأي شئ”.
يبقى تميز “قصص تلعب مع العالم” في قدرة الكاتب المتميزة على اختراع العالم، بل واللعب به.