ألم يجعل كيدهم في تضليل؟ بطل هذا المحتوى، وهو إخواني بالضرورة، سيمحي صورة النجم الراسخة في أذهان المشاهدين منذ خمسينيات القرن المنصرم( أحمد رمزي، رشدي أباظة، أحمد مظهر، محمود ياسين، محمود عبد العزيز، عادل إمام، أحمد زكي، محمد هنيدي، محمد سعد). وهيئة النجم الجديد سيميزها اللحية، التحدث بلغة عربية سليمة، والدعاء إلى الصلاح، دون سيجارة في الفم، ولا قبلة لبطلة منتقبة. ومع مرور الوقت، بعد أن تترسخ صورة النجم الجديد في ذهن المشاهد، سيكون المرشد والشاطر فتى أحلام كل فتاة، سيكونان رشدي أباظة الألفية الجديدة. بهذا الشكل، سيكون البطل إضافة حقيقية للتاريخ المصري، الذي رصدته الأفلام السينمائية منذ بدايتها، رغم أنها لم تكن أفلاماً تاريخية، ولا كانت معتنية بالتوثيق الاجتماعي.
صورة النجم بداية من ثورة يوليو وحتى ثورة يناير، سجّلت، دون قصد، التطورات السياسية والاجتماعية، شأنها شأن كل فن. هكذا ولّدت الأحلام الكبيرة، مع إعلان الجمهورية، نجوماً وسيمين، ممشوقي القوام، معتزين بفنهم، فكان رشدي أباظة. في المقابل، كان نتيجة فترة الانفتاح، التي شاهدت تراجعاً في السينما، صعود محمود ياسين، الذي مثّل بنحافته وحدبه صورة لمجتمع مكسور، هش. الثمانينات كانت أسوأ فترة على الإطلاق، لم تقدم السينما، في أغلب أعمالها، إلا أفلام المقاولات، وتربّع سمير غانم، النجم الذي لا يتمتع بشيء على الإطلاق، على عرش هذه الأفلام، فكان النجم التافه. مع ظهور خافت لأحمد زكي، وظهور مميز لمحمود عبد العزيز. ثم كان الظهور الأقوى لعادل إمام، والذي امتد للتسعينات، ولعب أدواراً عكس بها الشارع المصري والتوهان السياسي، فكان الحدق، الفهلوي، المشبوه، المحامي الذي يبيع كل شيء من أجل الثراء. افتقد إمام لمقومات النجم من وسامة ولباقة وأناقة، وعكس صورة أقرب لمجتمع ينهار. وكان تدهور الحالة المصرية مجسدة في النجم الجديد، محمد سعد، اللمبي، المسطول، المبرشم، المتلعثم، وهي الحالة التي كان يجب أن تقوم بعدها ثورة لإصلاح المسار.
المسيرة طويلة، وحافلة بعدد لا بأس به من النجوم الذين رصدوا تاريخاً حديثاً، مؤلماً، ليس فقط عن طريق القضايا المطروحة، بل أيضاً، وهذا ما أقترحه، صورة نجم المرحلة. هذه المسيرة كان ينقصها، لتكتمل، ولنأخذ الملف كاملاً، النجم الذي يمثل وجهاً آخر لمصر، الوجه الإسلامي، الذي تجنبناه طويلاً، باستثناء عدد من أفلام عادل إمام، كنوع من التجاهل، ودفس الرؤوس في الرمال. والآن، لا مفر من نجم جديد، يمثل مرحلة جديدة في تاريخنا البائس، نجم ملتحي، يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر، لا بقواعد الفن المتعارف عليها، والتي تتطور باستمرار، بل بقواعد الدين. والفارق بين الفن والدين أكبر من أن يختصر في عبارات، فالأول يطرح أسئلة، بينما الثاني يملك الحقائق المطلقة والإجابات الجاهزة. الأول يعتمد المجاز، والثاني المباشرة. الأول تقدمه السينما، والثاني محله المساجد.