كان يفكّر كيف يهرب من جحيم البيت. يفكر في يوم العطلة الذي سيضيع كما ضاع هو نفسه. يفكر في زوجته المتحصنة في غرفتها تراسل زميلات الدراسة الجامعية على الواتساب والمسنجر والأولاد يتعاركون في البيت، يركضون في كل اتجاه, يصرخون, ويكسرّون ما تيسّر لهم من محتويات البيت, ويتضاربون.. ومن ثمّ يغنون ويمرحون. ينظر الى الكتاب الملقى بجانب السرير، إلى جانب كأس الماء منذ البارحة.
اليوم هو يوم عطلة، ماذا سيفعل؟ لا أمل في قراءة شيء في هذا الجو. أيترك البيت ويلجأ الى أحد المقاهي لمراجعة بعض النصوص؟ ماذا سيحدث في البيت؟ آه.. ستشتعل الحرب لا محالة بين زوجته المستهترة بكل شيء! ما عدا هاتفها المشتعل دائما برصاصات الرسائل المنهمرة آناء الليل وأطراف النهار مع جارتها المتحفزة دائما لهجوم مباغت.. ولأداء مهامها “الفيسبوكية” و”التشاتية” كما يجب تعمد الزوجة الشابة الى اغلاق باب غرفتها بإحكام ووضع السماعات على اذنيها لسماع الموسيقى الصاخبة وهي تجوب أرجاء مملكة الفيس بوك الخضراء اليانعة. بعيدا عن صخب الأولاد ومعاركهم. وهو جامد في مكانه يتمدد على السرير وينظر الى رواية رامة والتنين لإدوارد الخراط بحسرة. سيتبدد هذا النهار كغيره من أيامه البائسة وسنوات عمره الباهتة.
أخيرا نهض من السرير بتثاقل ونظر إلى الشارع الخالي من الأولاد قبل الظهيرة بقليل وقرر النزول الى أقرب مطعم في الشارع لشراء غدائه، رغيف فلافل وعلبة كولا رخيصةِ.
كسيفة
مساء الأحد 29.4.2018