هكذا.. مثل أشخاص تركوا أثراً فينا، وربما دفئاً جديداً لم نعتده ولم تمنحنا إياه الكراسي التي احتلها قبلنا آخرون.
.. مثل أشخاص تركوا أرواحنا –التي أدركنا تواً أنها أرواح- لشارع جانبي..
سنتذكرهم كثيراً، وسيقنع كل منّا الآخر أن تأثيرهم امتد لأيادينا لكى نعبر بالشيوخ إلى الأرصفة المقابلة، التي كانت تمثل لهم أماناً غير عادى.. وبأننا صرنا – بعد مشاهدتنا لهم- نستطيع كبت الدموع لفترات أطول، كما أن الابتسام سيصير معادلاً للانتصار، أكثر منه لجعل وجوهنا تبدو أكثر ملاءمة في ظل وجود الندوب القديمة التي صنعها البكاء..
ولكننا –بالتأكيد- سنخفق مرات جديدة في العد، كلما تباهينا بالفترات التي ناموا فيها معنا، أو تجولوا خلالها في البيت.. مدركين أهمية أن يكون الحزن شيئاً آخر غير الإحساس بأن المقاعد التي احتلها قبلنا آخرون، فقدت كل روائح زوارها.. وصارت عاريةً تماماً من آثامنا الصغيرة، التي صنعتها –ذات يوم- قسوة مختبئة تحت الجلد.