الصياد

موقع الكتابة الثقافي
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

محمد أحمد شمروخ

دون شص أو شبكة، ذهب إلي الصيد مع أبناء القرية، اتجهوا ليلاً للنهر، الليلة جزر والماء ترك الشاطئ. للطين وذيل القط، خلعوا عنهم ملابسهم، كما ولدتهم أمهاتهم،  الشتاء يدغدغ العظم  أول غوص للقدم بالماء الراكد، قرب الشاطئ صدمة ثلج، لكن إغراء الصيد، السمك المدفون بالطين من برد الشتاء،  لولا الصيد ما أكلوه، توزعوا في ظلام النهر، منهم من التزام بالشاطئ، ومنهم من غاص متجهاً للعمق حيث الماء الدافئ، الهارب للشمال، إلا هو تأخر عنهم، يغطس ببطء، بظلمة الماء وحشائش النهر الحادة  تلتف حول جسده، يضيق تنفسه يهرب للسطح، يملأ رئتيه بالهواء البارد، يغطس يضع يده يقلب الطين تصطدم يده، ببلطي في آخر لحظة يتملص من يده مخلفاً، حسرة بيده بقايا شوك، يضرب الماء.

لا يعرف كم سمكة اصطادوا، ولا هم يعرفون حصيلته من الصيد، بعد دقائق انتفض الجسم، من شدة البرد، سال اللعاب والمخاط، خرجوا بسرعة البرق، من برد الموت جمعوا الحطب والشوك، ارتدوا ملابسهم، أشعلوا النار، وضعوا أيديهم بالجمر، نظروا حولهم، الحصيلة من السمك صفر،  من سينزل مرة أخري ليعانق البرد

 نزلوا جميعاً، تأخر هو لم يغطس ماشياً بالماء يفكر في صديقه الثري، البطانية/المدفأة/ كوب الحليب الساخن المخلوط  بالقرفة والجنزبيل، السمك  كيف سيحصل عليه؟ يفكر بالأم بإخوته المنتظرين بالبيت، يغوص، تنزلق يداه، بحفرة يلامس كتلة لحم، ذكر بياض. وما أجمل البياض الخائف الذي انكمش بالحفرة، بانتظار اليد الصائدة.

بسرعة يطوق ذكر البياض، يفرح تحت الماء يصعد ملوحاً بصيده ذي اللحم الأصفر اللذيذ، يضحك بهستريا يرتعش، رغم الظلام ينظر للصيد يقبله قبلة النصر، خرج مسرعاً ناحية الشاطئ، ارتدى ملابسه، نظر بلهفة للصيد .

النار تتوهج، تلوح وجوههم باللون الأحمر، يضحكون علي خيبة أملهم رجوعهم دون صيد، هو حاضناً صيده عائداً للبيت، دون شص أو شبكة، فرحت الأم، الأخوة قطعوا البصل /الطماطم / الصيد/الفقر، لم يصبروا حتى الصباح، القش أضاء ظلمة رماد الفرن، قطط الشارع، دب فيه النشاط، بعد شم الرائحة، وتركها للدفء، الجيران كلهم حزن لفوز المتأخر، استسلموا للنوم، تخرج الأم الطواجن، والأخوة يمسكون بأيديهم الخبز، في انتظار أن يبرد السمك. بعد البرد، منظر الديدان وهي تطفو بالطواجن ألجم صوت الأم.

 

مقالات من نفس القسم