حميد اليوسفي
لمح فردة حذاء مقلوبة أمام باب الصالون. منذ كان طفلا كلما مر بصندل، أو بَلْغَة، أو حذاء مقلوبا، إلا وطلبوا منه عدله، وإعادته إلى وضعه الطبيعي. لم يسأل الكبار لماذا يتضايقون من ذلك. عندما أصبح رجلا بدأ هو الآخر يتضايق من الأحذية المقلوبة، ويطلب ممن يمر بجانبها بأن يعيدها إلى وضعها الطبيعي، دون أن يعلم سبب ذلك.
بعد سنين طويلة، سيكتشف بأن الناس تتذمر من الأحذية المقلوبة، لأنها تعتقد أنها تجلب النحس والشؤم والخصومة لأهل البيت، وتُغضب السماء، وتمنع البركة من دخول المنازل.
قال لنفسه:
ـ والآن، بعد أن عرفت السبب، وزال العجب، هل ستنهض لتعديل وضع الحذاء ؟
تردد في الجواب ودمدم بشكل مهموس مثل شيخ أنهكه الزمن ولم يعد قادرا على فتح الأسفار من أجل خوض حروب جديدة :
ـ لا بأس، السهم أصاب كُليبا ! وضعت اليمامة شرطها التعجيزي : ( الدم أو كليب حيا ). بعد ذلك رفض بنو ثغلب الصلح. رحلت الجليلة من بيتها، وخرج الزير سالم من الحانة شاهرا سيفه. وقعت الحرب بين أبناء الدم الواحد، واستمرت كل هذه الأعوام، حتى أتت على الأخضر واليابس !
ربما وقع ذلك بسبب حذاء مقلوب، لم ينهض أحد لتعديله في الوقت المناسب !
ـ رجاء انهض وأعد الحذاء إلى وضعه الطبيعي، وأوقف الحرب قبل بدايتها. فالكثير من الحروب ربما نشبت بسبب أحذية مقلوبة، لم ينتبه إليها الرواة والمؤرخون!
……………
مراكش في 03/ 07 / 2020