تامر سمير سراج
أنا وهُم والظلام.. أحاول بقدر الإمكان تحديدهم فى الظلام ولكن لا جدوى و.. اللكمة الأولى فى وجهى.
****
الفراغ المتسع فى حياتى جعلنى أجرب كل شىء.. فالمال الكثير يوفر كل شىء ممكن.. أحاول أن أستفيق من بقايا سهرة الأمس التى إنتهت منذ قليل.. أعرف أنه لى موعد يومى بعد السابعة مساءاً مع إما سوسو أو شوشو أو مثيلاتهن.. سجائر البانجو المتناثرة على الطاولة.. أحاول أن أشغل فراغى فأتصفح إحدى المجلات الإباحية المتناثرة فى الشقة.. لا يقطع تواصلى معها سوى رنين هاتفى المحمول.. وصوت أنثوى رقيق
– السلام عليكم
– مين؟؟!
– حضرتك أستاذ نجيب؟
– ياااه.. دا إسم قديم قوى
– يبقى مش حضرتك
– طيب يا بت.. كفاية كده بقى.. إنتى شوشو صح؟
– أسفة على الإزعاج.. السلام عليكم
وقطع الإتصال،
******
اللكمة الأولى أرهقتنى فعلا.. أشعر بخدى المتورم منها.. أحاول التركيز أكثر.. واللكمة الثانية فى عينى.
*****
عابثاً أضغط على إعادة الإتصال فى الموبايل وأنتظر الصوت الأنثوى مرة أخرى،
– السلام عليكم
– يا بت إطلعى من دول.. وخلاص بقت رخمة قوى
– حضرتك أكيد ماتقصدنيش.. اسفة مضطر اقفل السكة.. السلام عليكم
وقطع الإتصال،
*******
أفكر ملياً.. أقرر أن أفعل مثل الأطفال.. العين مغمضة واليد تضرب الهواء فى أى مكان لعلها تصيب أحدهم.. واللكمة الثالثة فى أنفى.
*******
عابثاً أتصل بأحد أصدقاء طاولة البانجو وأعطيه رقم الصوت الأنثوى وأطلب منه إحضار كل البيانات الممكنة عنها.. تهدأ ثورتى بعض الشىء.
*****
هل من الممكن أن أحدد شكل شخص فى الظلام؟.. الملامح؟.. أحاول أن أتخيل ملامح وجوههم فى الظلام.. هل تعلوها إبتسامة السخرية أم العطف.. ولكمة جديدة،
***
منار محمود عاطف – 28 سنة – متزوجة ولديها علاء وعمر – مدرسة تاريخ بمدرسة ثانوية – 5 شارع على لطفى الدور الثالث.
كل البيانات الممكنة عنها.. أقرأ البيانات وإبتسامة الإنتصار على وجهى.. عرفت عنها كل شىء تقريباً.. سوسو تميل علىّ قليلاً فأردها قائلا ” مش فاضى دلوقتى “.. أدخل إلى إحدى الغرف وتبدأ جولة جديدة فى الإتصالات.
****
– سلام عليكم
– وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
– كنتى إتصلى بى غلط إمبارح
– فاكرة فاكرة.. خير حضرتك؟
– إزى التاريخ والواد علاء وعمر؟
– تقريباً حضرتك عايز تتكلم بس أسفة مضطرة أقفل السكة
وقطع الإتصال.
*
غليان أكثر يعترينى.. أشعر بى صغير جداً أمام نفسى.. أفكر طيلة الوقت فيها.. أشعر بأنى أقترب منها أكثر.
********
أشعر بيدى اليمنى ملطخة بدماء أحدهم سرعان ما أكتشف بأنها ملطخة بدمى.. إصابة فى يدى اليمنى من الإرتطام بجسم صلب.. أحاول النظر إليها.. ولكمة جديدة.
**
بعد أيام
أنا ومنار نتحدث يومياً بعدما إتصلت بى يوماً وإعتذرت عن أسلوبها الجاف معى.. تحدثنى عن الحياة والأولاد وإن لزم الأمر عن التاريخ.. وأحدثها عن علاقاتى وأصدقاء ليالى الأنس وسوسو وشوشو ومثيلاتهن.. نختم الحوار يومياً بـ( لا إله إلا الله ) و ( محمد رسول الله ).
لا أعلم لماذا لم أطلب منها اللقاء يوماً ما.. ولا صورة لها.. ولا أية معلومات إضافية.. حتى لم أحاول الذهاب إلى عنوانها الذى أعرفه لأتابعها من بعيد.. لا أعلم لماذا ولكنى أشعر بالحياة هكذا أجمل معها.
*
اللكمة كانت فى الرأس.. أشعر بشىء بارد يتخلل رأسى وشعرى.. الأمور تتعقد أكثر وكلما حاولت البحث عن حل أصبت بلكمة جديدة كالتى تلقيتها حالاً وأنا ممسك برأسى.
*
عيد ميلادى اليوم.. بعد إتصال رقيق من منار بإبتسامة أكثر عذوبة وتهنئة من القلب ودعوة منها أن أظل مبتسماً طوال العمر.. حانت حفلة الشلة.. الكل هنا والخمور والبانجو والهيروين ومجلات جديدة ومفاجأة بـ( سى دى ) لممثلة إباحية شهيرة لم يصدر بالأسواق بعد.. بدأت الحفلة.. ومالت فتيات الحفلة وتوقف الجميع عنها لإعلان مفاجأة عيد ميلادى هذه المرة.. تطوعت شوشو بإعلانها وإعلان شرط المفاجأة العجيب وهو إن اذهلتنى المفاجأة يُطفأ النور وكل من فى الحفلة حولى يوجه اللكمات لى بمناسبة أنهم إنتصروا علىّ.. وافقت مجبراً وكل من فى الحفلة يعلن التحدى.. وسردت شوشو المفاجأة فى إختزال شديد :
” أنا يا سيدى منار.. وعملت فيك كده أنا والشلة عشان أفرفشك شوية وأدخلك موود جديد كده يعملك مزاج حلو “.
ذهول تام.. وضحكاتهم على سذاجتى وإنتصارهم علىّ.. لم ألاحظ إطفاء النور.. وبداية توجيه اللكمات.
*
الآن.. اللكمات أكثر.. أشعر بالتعب الشديد.. لا أقدر على تمييز سوى ضحكاتهم الشامتة.. لكمة جديدة.. والإغماء.. وصوت ضحكاتهم العالى يخترقه صوت رنين هاتفى المحمول.