سامح إدوار
قبل بزوغ الفجر بقليل، استيقظت من النوم، ذهبــت إلى دورة المياه، عدت إلى فراشي حاولت أن أغمض أجفاني لعلى أستعيد نومي، أبدا رفضت عيوني قبول النوم كما رفض النوم اجتياح عيوني. شرد عقلي في فكر كثير .ذهبت إلى شرفة منزلي، نظرت إلى البحيرة الراكدة أمام المنزل، بسطت عيوني على البحيرة وحولها؛ الأشجار والغاب المنتشر على طول شاطئ البحيرة الطويلة، لم أجد شيئا، كان سكون الليل رهيبا. عدت إلى فراشي مجددا محاولا استكمال نومي، عبثا حاولت كثيرا لكنني فشلت، أصابني الأرق ذهبت إلى الصالة، أخرجت سيجارة وشرعت أشعلها، جذبتني شعلة الثقاب كأنها جنية خرجت ترقص من المصباح السحري، واستمرت مشتعلة حتى أحرق الثقاب طرفي إصبعي، أشعلت عود ثقاب آخر، وأشعلت سيجارتي، أخذت نفسا قويا ودفعته برقة إلى الفراغ، وتابعت حلقات الدخان تحت نور المصباح الخافت، لحظات حتى أخذت أشكالا متنوعة جنيات وأشباح ملأت كل الفراغ وظهرت أخيرا الحية ذات الرؤوس الكثيرة تحاول أن تهاجمني، لحظات حتى توارت خلف جدران البيت العتيق. صوت قويّ مدوٍّ سمعته قادما من ناحية الشرفة المطلة على تلك البحيرة، ذهبت سريعا صوب الصوت باسطا نظري يمينا ويسارا، وبين الأشجار، لعلي أجد شيئا يدلني على هوية هذا الصوت. راودتني ذكريات الماضي من الأساطير عن تلك البحيرة من قصص المارد الذى يخطف البشر، وينزل بهم قاع البحيرة. وكم تمنيت وطالبت أن تردم هذه البحيرة المسحورة، شكلها البشع أشبه ما يكون بمارد طريح على الأرض، ينفث سُمّه كل ليلة. انتابني خوف شديد، لم يكن هناك لا صوت ولا عابر، ولا حتى شيء يدب على طول الجسر المتاخم للبحيرة، نظرت نحو السماء المظلمة، لم أجد سوى سواد الليل الحالك، والنجوم الزاهرة كانت نقاطا بيضاء، كثقوب في ثوب أسود داخل قبة السماء. استدرت بكل جسمي، محاولا استكشاف ذلك الصوت القديم. شعرت بالبرودة الشديدة، لم أجد غطاء لي ولا بيتا يحويني و لا حتى رداء يكسوني، وجدت نفسى أسبح عاريا داخل هذه البحيرة العتيقة، وخلفي المارد مشوه المعالم الذى انتظرته كثيرا.