صفاء النجار
■ أرجو أن تذكرينى، أتمنى أن تفكرى فى، قد يكون الإثبات الوحيد لوجود كائن ما أن يفكر فيه شخص واحد فقط، أن أشغل حيزًا من تفكيرك، هذا نفى لعدميتى، أنا موجود لأنك تفكرين فى.
هذه أشياء تخيف المرء حقًا:
ماذا إن اعتدت أن أضبط هندامى فى عينيك كل يوم
ماذا إن كانت بوصلتى لا تعرف من الاتجاهات الأربعة سواك
ماذا إن كانت السكينة لا تأتى إلا من أنفاسك
ماذا إن اعتدت الإقامة فى أرض الترحال.
■ أشعر بك حين تفكرين فى، دبيب يسرى فى خلاياى فأنشط، كأن أشعة دافئة من شمس حانية تسقط على جلدى المتجمد، فتتنفس مسامى وتبدأ عملياتى الحيوية بعد سكون، كأنى شجرة، تنحدر جذورها وتتشعب فى أعماق أرض بعيدة، وأنت تهدهدينى وتلتقط أوراقى الشعاع الصادر من روحى فتبدأ فى الإزهار.
أجمع كل تنهيدات الصالحين
كل صدى الحروف الطيبة أصرها فى منديل أبيض
أعصب به رأسى فتسكن الأجراس وتكف عن الدق
تتسع رأسى للزحام، للصخب، وتضيق بأرض خالية الوفاض.
■ حين تفكرين فى أعرف أنك ترين ما بداخل الروح، ما هو أعمق من حراشيف الزواحف. من الشوارع التى لا تعرفها الخرائط، من المدن التى لا يكفيها ٧٠ قرصًا من الأسبرين كى تنتحر، من الكلمات التى لا تكتسى بالحروف بل تسكن الوجد. أؤمن أنك حين تفكرين بى سيستيقظ الضفدع من سباته الشتوى، وأخرج من بركتى، وتضعين التاج على رأسى. فأعود أميرًا.
أفزع من صورة فئران الخلد العارية، أتأمل أحدها عاريًا من وبرة أو فرو يغطى جلده الوردى. الذى يظهر فى حركته كل أحشائه وحركة أعضائه الداخلية، أنيابه الطويلة البارزة خارج فمه، نابان علويان ونابان سفليان، وأنف خنزير، ويدان تشبه يد الخفاش. كل هذا القبح يمكن أن يكون تميمة حظ كل الموجوعين، هذه الفئران لا تدرك الألم، تستقبل أو تشعر بالآلام الناتجة عن الحروق والجروح بشكل أقل، حتى إنها تستطيع البقاء فى حالة عادية لو سكبت عليها أى مادة حارقة مثل ماء النار.
فكرى فى، كى أتنفس، كى أمضى فى الطريق المرسوم، فكرى فى لأنى بدونك لا معنى ولا هدف، بدون ذكرك تفقد المدارات انحناءاتها فينزاح الكون.. يتمدد.. ينفجر.. اذكرينى.. كيف يمكن أن أصبح إلهًا إن لم أرد على خاطرك.