قاسم حداد
١
ما إن تطفق في صوغ نصك، حتى تندلع أمامك ما لا يحصى من خيارات الأساليب والأدوات. ثمة أفق شاسع فسيح الأرجاء ينفتح أمام القلم، كلما تميز هذا القلم بالموهبة والمعرفة.
٢
لديك الأساليب والأدوات التي تُغني لحظة الكتابة حين تستعد وتبدأ. مصادرك تزخر بالتجارب والعواطف والاندفاعات. أرخْ لتهورك العنان، الأدب يحتاج لقدرٍ كافٍ من التهور والامتثال للغرائز. الرصانة ليست الآن، ليست هنا خصوصاً. ستحتاج الرصانة لاحقاً، حين تجلس للمراجعة والتعديل والتصويب. آنذاك تكون رصانتك في محلها. لحظة الكتابة هي الاندفاع الحماسي الباسل. فلا تتردد.
٣
في هذه اللحظة، ليس من الحكمة التسلّح بالأفكار أو الخضوع لسطوة العقل وجلافة المنطق. دعْ لاندفاق المشاعر تأخذ زمام المبادرة. الأدب هو فن إدارة العواطف في النص. أكثر من هذا، كلما أطلقتَ لعاطفتك حرية البوح ومنحت أخلاطك وعناصرك موهبة الجمال، تسنى لك أن تكتب نصك الخاص، نصك المختلف.
٤
بالطبع، ليس في ذلك وصفة نجاحك أو فشلك في الكتابة. الأمر ليس فشلاً أو نجاحاً، إنما نحن بصدد البحث عن الآفاق المفتوحة أمام خطوتك الأولى في حركة كتابتك. ففي درجة الاستعداد للكتابة يكمن معيار النجاح واحتمالاته. فالأقلام والأوراق ليست كافية لكي تكون جاهزاً للكتابة. موادك الخام الذاتية الأخرى هي كائنات عملك الوشيك. وما دمتَ قد ادّخرتَ الذخيرة العميقة للمنجم هذه اللحظة، فسرعان ما تعثر على أحجارك الكريمة.
٥
أن تكتب، يعني أنك موشكٌ على النوم. ذلك هو نومٌ خاص، نومٌ مختلفٌ وفعال أكثر من اليقظة. نصك هو نومك المغاير، النوم الذي تضاهي به يقظة النهار والليل. نومٌ زاخرٌ بالأحلام ومجابهات الجمال. فليس أقل من الأحلام لكي تكتب نصك الجديد.
٦
لسنا صادقين إلا هناك، حيث الأحلام هي حقيقتنا السرية، فإذا أقبلتَ على الكتابة فاحملْ معك ذخيرة النوم كاملة. تكونَ قد أنجزتَ القدر الكافي من أسباب نجاحك في إنجاز النص. لا تستطيع الكتابة على مبعدة عن الأحلام. الأحلام اجنحتك وريشك والريح التي تفرح بكَ وتنهض وتنتصر.
٧
ها أنتَ تقبل على الكتابة وأنت من الله قريب.
أحلامك أدوات خلقك التي لا تخذلك حين تكون قريباً من النص. سيفهمك الآخرون أكثر، وسوف يصدقك الآخرون أكثر، وأكثر، بما يكفي، سيبدو غموضك فعالاً بأجنحة أكثر من الهواء.