خالد الكبير
كانت الساعة تشير إلى الثانية صباحا من صباح يوم الجمعة، عندما جلس الجميع ببهو الانتظار لإحدى المستشفيات للأمراض النفسية للمدينة في انتظار قدوم الطبيب المداوم لتلك الليلة بعدما ذهب الممرض لإيقاظه، كي يكشف عن الحالة النفسية للوافدة الجديدة. كانت المسكينة تدندن وترقص أمام جميع الحضور بفستان عرسها الأبيض غير واعية لما تفعل أو تقول.في بعض المرات كانت تصدر أصوات ضحكات مسترسلة تنتقل بعدها لنوبات بكاء هستيرية تهز الصمت المخيم على بهو المستشفى في تلك الساعة المتأخرة من الليل.
الكل يحاول الإمساك بها وإرغامها على الجلوس بجانبهم بالمقعد الطويل للمستشفى فكانت تنفلت من هذا فيتلقفها ال’خر، فتنزلق منه وتقع بيد أخرى، مثل كرة ثلج بيضاء، تتدحرج بين الحاضرين من أهلها.أو كدمية تداعب الأيدي صراخها وهي تستغيث.
حار الأب المسكين لحالها وأقاربه ممن رافقوه بالسيارة الكبيرة من البادية إلى المدينة قاصدين مستشفى الأمراض النفسية من بعد ما ألمّ بالعروس تاركين ورائهم أهازيج العرس المقام الذي تحول إلى شؤم بعدما فقدت العروس عقلها وصوابها.
وفجأة خرج عليهم الممرض المداوم من إحدى قاعات المستشفى، فطلب منهم بطائق هوية الأب وابنته العروس، أدخلهم للطبيب حيث دوّن المعلومات الضرورية بسجل المستشفى ،وأرجعهم لأب العروس، ثم خرج عليهم بعدها الطبيب رفقة الممرض وهو يعدل نظارته بيده اليمنى تحت عينيه آلمنتفختين من أثر النوم، طلب ساعتها من أقارب العروس المريضة حملها إلى إحدى الغرف الشاغرة بالمستشفى، ومن بعد ما أدخلوها وألقوا بجسدها على سرير المستشفى، أمسك كل واحد بأحد أطرافها لكي لا تتحرك إلى حين وخز حقنة الدواء حيث جمدت الفتاة العروس بعدها مباشرة دون حراك لأثر مفعول الدواء. أمر الطبيب بعدها كل أفراد العائلة بمغادرة المستشفى والعودة بعد أسبوع .
خرج جميع أهل العروس من المستشفى.. وتوجهوا صوب سيارتهم الكبيرة المزينة بالعلمين الأبيض والأحمر كدليل على الفرح المقام، تستعمله جل المناطق البدوية عند إقامة حفل الزفاف قاصدين قريتهم..عاد الطبيب المداوم بعدها إلى نومه فيما توجه الممرض إلى مستودع الملابس الخاص بالممرضين ..خلع وزرة عمله وظل بقميصه الأبيض وسرواله الأزرق..ومثل عريس توجه إلى غرفة العروس المريضة فوجدها جثة هامدة، لا تتحرك فوق سريرها، فراح يمارس عليها كل صلاحياته الواسعة ورغباته.. بسهولة، في غياب تام لما من شانه أن يعكر صفوه أو يفوت عليه هذه الفرصة الثمينة التي لا تجود الأيام بمثلها بسهولة وفي الصباح الباكر غادر المستشفى وهو كله نشاط وحيوية متوجها إلى بيته كعادته اغتسل وتوضأ وذهب إلى المسجد باكرا ليقرأ القران قبل أن يحل وقت صلاة الجمعة.