الساحر

موقع الكتابة الثقافي writers 40
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

عبد اللطيف النيلة

   ما إن غافل الساحر المخاتل الامبراطور، منتهزاً الثقة التي أغدقها عليه بوصفه أحد مستشاريه، حتى اختلس الصولجان الطاعن في الزمن، لغرضٍ في نفسه.

   ولأنه أراد أن يأتي أمراً خارقاً يشيع ذكره في سائر أنحاء العالم، فإنه ركض متضاحكا، ودار برشاقة حول سواري القصر الإمبراطوري، فيما الحرس يطاردونه شاهرين سيوفهم، ثم قفز على حين فجأة وسط الشلال المتدفق بقوة من الأعالي، تحت الأنظار الذاهلة للحرس.

   كان الشلال مجرد رسم يحتل صدر جدار بهو القصر، غير أنه كان يحاكي ببراعة صورة الشلال الطبيعي الحي. لم يصطدم الساحر بالسطح الصلب للجدار، وإنما اقتحم غمار الشلال، حتى تناثر منه رشَاش على وجوه الحرس.

   وقّع الساحر هروباً جمّد الدم في عروق من شاهدوه، لكنه لم يتوقع، أبداً، أن يكون رد فعل الإمبراطور أكثر مكرا. فلأنه يتعاطى السحر أيضا، متحرياً أقصى سِرّية، فإنه لما رأى الساحر يقفز إلى الشلال، صيّر نفسه الشلال ذاته، قبل أن ينغمر فيه الساحر بثانية واحدة.

   وبما أن الإمبراطور/الشلال، قد ضخّ طاقة هائلة في تدفقه، فإنه قد جرف جسم الساحر، ودفعه بقوة ليصطدم بالصخور عبر مساقط الشلال: مَسْقطٌ أول رجّ كيانه، وثانٍ هشم عظامه، وثالثٌ قذف بجسمه شظايا إلى النهر.

   وعندما حطّت قدما الإمبراطور على أرضية البهو، وقد استعاد صورته الأصلية، كان يمسك الصولجان وفي عينيه نظرة غريبة، نظرةٌ مسحتْ ما حولها، بسرعة خاطفة، قبل أن تتسمّر على لوحة الشلال الذي أضحى يصب في نهرٍ اصطبغتْ مياهُه بالدم.

مقالات من نفس القسم