اقترب منها ..صفعها ..تسارعت دقات قلبها.
دفنت نفسها في أوراقها، أصبحت الكتابة متنفسها وعالمها الذي يحفظ بقاءها لا بل قدرها الذي تحيكه لتستظل به من واقعها الكئيب. وغدت الورقة مساحتها للحرية، أبجديّتها وبطاقة تعريف لها، فجرت الكتابة شروخ جسدها وتموجاته، حاولت تخطي آلامها، كآبتها وأحزانها، وجدت فيها متنفسًا لأوجاعها الداخليّة…
بعثر كتاباتها ومزقها.
عاد الصمت ليبتلعها، واجتاح جسدها ألم وغمرها حزن عميق…
عاودت الكتابة لتتخلص من آلامها، صرّحت بأحلامها ورغباتها الدفينة. أضاءت البقاع المظلمة.
حرق الأوراق…
كتبت على الجدران عوالم هي خالقتها ورسمت قصورًا هي سيدتها…
طلى الجدار وأغلق النوافذ وأصرّ على أن الشمس لم تطلع بعد.
عاودت الكتابة على الجدران، كتبت كلماتها بسكين حادة لا بقلم حبر أو رصاص، ، لم تستطع الكلمات أن تطلق ساقيها للريح، استقرت وثبتت في المكان.
هدم الجدار.
تطايرت الكلمات وتناثرت في المكان مصدرة دويًّا شديدًا يصم الآذان.. كصرخات مخزونة منذ آلاف السنين تنتظر الانطلاق من غياهب المجهول.. كنداءات مدفونة في أعماق القلوب…
…………
*كاتبة من فلسطين