كِبَر سِنّ عزرائيل، حتّم عليه التفكير بخليفة له؛ خوفه من ضياع عمله. جلب إبنه الوحيد، جلسا عند دفتيْ رقعة الشطرنج، وأخذ يدردش معه ويلعب، الولد لا يقل مكراً عن أبيه، حرّك الجندي الأول، ورشق أبوه بنظرة خبيثة، نمت عن تحدٍ مبطّن، مبتسماً مظهراً أسنانه الفضية بدوره :
يا ولدي أريد أن تقوم بالعمل القادم
لمَ يا أبي ؟
أريد أن تخلفني
وما تريدني أن أفعل ؟
عملٌ بسيط، أن تقبض الأرواح، حيث سأخصص لك غُرابا للتنقُّل به، ولكن عليك أن تحفظ عني هذه الأسئلة توجهها لهم عند لحظة القبض :
هل عملت خيراً ؟
هل عملت شراً ؟
وضروري أن تكون إجابتهم بنعم أو لا، ستسمع التوسلات والمماطلات، لا تشتت ذهنك وركز على لحظات القبض، فنظام عملنا يعتمد على التوقيت، فهي ميزة عملي، وعملك من بعدي.
اتسع بؤبؤا الولد فرحاً، فعمل أباه رغبة طالما حبسها داخله، و ها هي الفرصة. عند أول طلعة ألجم الغراب عند باب الدار، وانطلق على أثر الماء المتناثر خلفه من أمه، داعيةً له الرجوع بالسلامة.
عزرائيل ينتظر، قد علّمه السر، ما بقيَّ، هو مشاهدة نتائج ما سيفعله الولد
عند العنوان المنشود، دخل الولد من الباب الخلفي، وجده متكئا على الفراشِ، يطالعُ أخبار الجريدة :
هل عملت خيراً ؟
نعم
هل عملت شراً ؟
نعم
عند القبض على روحه، طالع الولد الوجه الذي اختفت معالم الحياة منهُ و قال :
هل تعترض على موتك ؟
ككلُّ الآباء، أعْتَرِضُ، وأخاف على ضياع إرثي …