من “العصافير في الانستجرام قاسية”
عبد الرحمن تمّام
(1) ضرورة درامية:
المكان ضيقٌ كمثانةٍ
يا "ماريا"
وما من سبيل للهرب
حتى الجدران التي نبص عليها بيضاء وباردة
صدقيني لن ننجو إلا بتفاصيل بسيطة
تكفي لنخبز حكاية دون أن يقضموا أرغفتها
لنرسم مثلاً:
سبع غنمات
وبئراً
ثم نرتب الأحداث على مزاجنا
..
سنحتاج نبياً
يشتري الطحين ليطرق باب أرملة
تئن جوعاً مع صغارها
فيطعمهم من عمل يديه
سنحتاج شيخاً يجلس بكامل أبّهته تحت خيمة
ويرى
كيف جاءوا على قميصه بدمٍ
لما فتن امرأة كانوا يعرفونها في البَرِّيَّةِ بالرؤيا
وإن مر الرب والأخوان "جريم"
قدام العتبة
قلنا:
لم تكن للذئب ضرورة درامية
ولكن
هنا
حيث تنبح أقمار الأبدية فوق رؤوسنا
كان لا بد أن نقطع قلفة البياض
بالأكريليك
لنمرر كل هذا الشر... كل هذا العُواء!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(2)عصوان:
لم يكن الله لاعب درامز
حين بسط الأجرام قدامه مثل صنوج
وجلس على الكرسي
لكنّه أمسك عصوين
وفى أزمنة غابرة ألقاهما من فوق
فانغرستا بجوار بلوطة خضراء
ومر رجلان
صنع الأول من إحديهما قدّوماً
وترك الآخر عصاه ليهش بها على غنمة القلب
حتى ركَّب لها آخر الأمر نصلاً ومضى
ولمّا سال النسغ والدم
كانت امرأة تجلس في الحقل
فشافت غراباً ينبش جاهداً
ليعلّمها كيف تواري السوأتين:
الكتابة
والحرب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(3) مكانٌ آمن:
بينما تُعِدّ أمي العشاء
على نار الكانون
كنت أصنع طائرة ورقية خلف المُخيَّم
ثم توقف أحد الجنود مبتسماً أمامي
حين مرّت دورية الليل
هل تلعب معي يا عم؟
أعطاني البندقية
ودفعتُ خيوطي كلها ليده
هي رصاصة واحدة فاحفظها في مكان آمن
قال
ومضى آخر الأمر بخزانة فارغة
وجلستُ وحيداً أبكي
علّ الريح تنشّف بكل هذا الصرير
بقعة الدم
وحسائي المسكوب!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شاعر مصري ـ من ديوانه "العصافير على الانستجرام قاسية" الفائز مؤخرًا بجائزة "عفيفي مطر" للشعر العربي