في “الهاتف” مسرحية الأطفال للشاعر مؤمن سمير ، تكون الحكاية عن ملك يحاول توسيع حديقته، ولكي تتسع الحديقة يجب هدم البيت الموجود في المكان وهو بيت الرجال العجائز الثلاث. يقرر الملك تعويضهم ببيت آخر فخم جدا، لكنهم في ذلك البيت الجديد يحسون حزنا وظلما كبيرا .
يوجد طرفان يبحثان عن سعادتهما، الملك الذي يريد توسيع حديقة بيته، والعجائز الذين يفقدون بيتهم بالكامل لصالح سعادة الملك. تبدو أنها معركة بيوت لأن البيوت مخزن حياةكل طرف فيهم، وأحدهم يريد أن يكسب حياة أوسع وأكثر بهحة ، والطرف الثاني لا يريد أن يضيع خارج بيته، وسيقول العجائز عن الببت الفخم الذي منحه لهم الملك بدلا من الكوخ: “منذ أن وطأت أقدامنا هذا السجن.. كان كوخنا يناسب بساطتنا.. كنا نحفظ مكان كل شيء.. نأكل بشهية كبيرة. هكذا السجن اللعين الذي نحس فيه بالضآلة والعجز والصمت الذي يجعل الموت يقترب”.
الجميل في القصة أن الملك لا يبدو ظالما، لأنه طوال الوقت كان صوت ضميره يتكلم في المسرحية، لكن الملك كان يبدو جاهلا بنوع الظلم الذي يمارسه، وهي إشارات لكل ملك أن الظلم قد يبدو في ظاهره أنه رحمة أو مساعدة أو عطاء وفي حقيقته هزيمة لثلاثة رجال من شعبه. وفي مواجهة شخصية الملك الذي يبحث عن العدل، اهتم مؤمن سمير في مسرحيته “الهاتف” بشخصية الوزير المنافق الذي يضلل قرارات الملك، وهو نموذج لحاشية الحكام الفاسدة.
من هنا كان عنوان المسرحية هو “الهاتف” أو الضمير الذي يهتف للملك بأن هذا ظلم، لأن بطل الحكاية الرئيس هو ضمير الحاكم الذي يوجهه في تصرفاته، وليس الحاكم الذي يطيع الجميع أوامره بلا نقاش. فجاءت كلمة الهاتف مناسبة كعنوان للعمل خصوصا أن المسرحية موجهه للأطفال حتى 16 سنة، لكن ربما كلمة تؤدي المعني نفسه وبسحرية أكثر كانت ستكون ملائمة أيضا للعمل. وبما أن الحكاية موجهه لهذه الفئة العمرية كانت تحتاج لأكثر من هذه الحبكة الدرامية البسيطة.
ووظف مؤمن سمير نصوصا شعرية بسيطة داخل المسرحية للأطفال عن الظلم والملك. وبشكل عام بدا النص في رؤيته مثل نص شعري يخبئه شاعر داخل مسرحية للأطفال عن ما يمكن أن يففده الناس من أنفسهم إذافقدوا أشياءهم: “لأول مرة رغم عمرنا الطويل.. أحس بالوحدة والخوف..كنا معا نملأ حياة بعضنا.. الفقر جعلنا بلا عائلة.. لكن هذا الألم كان دافعا لأن نصبح نحن العائلة. إذا حزن أحدنا أسرع الاثنان الآخران وطيبا خاطره.. أما هنا فكلنا حزانى.. كنا نملأ كوخنا.. أما الآن فالمكان أكبر من اجتماعنا وذكرياتا.. سنتفرق.. سنتوه في كل هذا.. لن نقتسم اللقمة، بل سنتصارع على التحف..ثم لأننا عواجيز لن ينال أحدنا أي شيء.. سنقتل بعضنا في النهاية“.
وقدمت صفاء عبد الظاهر رسوما توضيحية مصاحبة للعمل بطلها ملك يبدو شابا، ورجال بثلاثة جلاليب ملونة بالأزرق والأخضر والأحمر.
عن الكتاب:
الكتاب: مسرحية “الهاتف“
المؤلف : مؤمن سمير
رسوم: صفاء عبد الظاهر
نشر في: 2010