2
على النافذة اتكأ على يديه. رسغ اليد اليمنى الممسكة بكوب فارغ إلا من بعض قطرات صغيرة فوق رسغ اليد اليسرى التي بدأت تنقر بأصابعها فوق القاعدة الخشبية، فترفع بحركتها تلك اليد اليمنى جاعلة الكوب يخبّط بدوره، مصدرا صوتا يعتقده هو أنه خارج من نقر الأصابع. اندلقت القطرات المتبقية على القاعدة بعد أن تأكد من مصدر الصوت. رجع إلى مقعده ووضع الكوب فوق المكتب. نظر إلى بواقي السائل وهي تنحدر من أعلى الكوب إلى القاع. حط طائر على النافذة واحنى منقاره على اندلاقات الكوب. نظر إليه ثم طار.
كانت شاشة هاتفه تضيء وتنطفئ. نظر فيها ثم خرج من الغرفة ونزل السلم. في الطابق الأرضي رآها منكسة رأسها جالسة على جانب الكنبة. كان المرض باديا عليها. أعطته زجاجة بها سائل أصفر.
-عايزة اتأكد الحقنة دي تركيزها 25 ولا 50..فوق كاتبين 25 وتحت 50.
-طيب الروشتة بتاعتها فين؟
-مالهاش اللي جابها من مصر، قال مدهوش غير دي.
كانت الدراجة محشورة في ركن. أرجعها إلى الخلف. واخرجها من البيت ثم من الدرب وركبها في الشارع.
أخرج الزجاجة لشاب خلف )فاترينة( وأخبر عما يريد. فكر الشاب وبدأ يجيب بعد أن عرض عليه أنه يملك نفس الدواء ولكن ليس سائلا بل بودرة. واستخدامها سهل..وشرح الطريقة.
-بص هي 25 بس الشركة حبت تتفزلك فكتبوا تحتها خمسين.. بمعنى لو خدت أو أخَدت سنطي يبقى 25، ولو 2 سنطي يبقى 50.
– متأكد!
–أيوة متأكد لو مش متأكد ماكنتش قولتلك.سكت ثم رفع الزجاجة التي تهتز بداخلها البودرة لحركته. وبعدين انا عندي بودرمش سائل. خرج إلى الشارع . وجد الدراجة ساقطة ، رغم انه أوقفها مائلة على )كفة البدال( مستندة بحافة الرصيف. قاد دراجته إلا انه شعر بتردد فأستدار. واتجه إلى صيدلية أخرى.
رفع الشاب –الذي وجده خارج الصيدلية- الزجاجة أمام عينيه. فكر الشاب طويلا،كان حائرا فساعده: هي يعني 25 لوخدت 1سم و50 لو خدت 2سم؟! نتر الشاب رأسه بعد أن سُئل ناحيته، أيوة.
قاد الدراجة وتوقف أمام صيدلية أخرى وتركها من يده تسقط على الأرض. لفت عجلتها الأمامية في الهواء. قال الرجل الذي كان جالسا خلف مكتب:تركيزها 25. لكن الشركة تعرض أن هناك نوعا آخر تركيزه 50.
رجع إلى البيت مشيا. يجر الدراجة بيد واحدة، كان )جنزيرها( يسقط طوال الطريق. دخل إلى البيت بعد أن ترك الدراجة بالخارج. أعطاها الزجاجة وأخبرها ما حدث. صعد السلم ثم دخل الغرفة. اغلق الباب ورائه ونظر إلى الكوب الذي نشف السائل بداخله.جلس إلى المكتب وحط الطائر ثانية على النافذة.