– محنة الميلاد
من يكره نفسه ليس متواضعًا.
قم بتأليف الكتب فقط إذا كنت ستقول فيها ما لا تجرؤ على التصريح به لأحد.
أنسجم تمامًا مع أي شخص فقط عندما يكون خائر القوى وليست لديه الرغبة ولا الطاقة لاستعادة أوهامه وطموحاته المعتادة.
ما نخفيه هو وحده العميق، والحقيقي، حيث قوة المشاعر الدنيئة.
أن تكون موضوعيًا هو أن تعامل الآخرين كأشياء، كجثث فتسلك معهم سلوك الحانوتي.
لو أمكننا رؤية أنفسنا كما يرانا الآخرون، سنختفي في الحال.
الوعي ليس فقط الوخز بالأشواك، بل أيضًا طعن في اللحم الحي بالخناجر.
يرضى الحكيم بأي شيء، لأنه يدخل في هوية مع العدم. انتهازي بلا رغبات.
نخسر عندما نولد ونخسر بنفس القدر عندما نموت، كل شيء.
“لا تحكم على إنسان دون أن تضع نفسك مكانه”. هذا المثل القديم يصادر الحق في القضاء؛ لأننا نحاكم شخصًا ما لأننا، فقط وفعلاً، لا نستطيع أن نضع أنفسنا مكانه.
تجيء معظم مشكلاتنا مع أول نزواتنا.
تكاليف التعصب التافهة تفوق تكاليف الجريمة بكثير.
الخوف هو الترياق ضد الملل: يجب أن يكون الدواء أقوى من الداء.
الخوف يخلق الوعي – ليس الخوف الطبيعي بل الخوف الاكتئابي، وإلا لبلغت الحيوانات مستوى أرقى من مستوانا.
الإنسان الأكثر موهبة يحرز أقل تقدم على المستوى الروحي. الموهبة تعوق الحياة الداخلية.
عندما ننام في المساء ونستيقظ في الصباح تبدو الليالي كما لو أنها لم توجد.
تبقى في ذاكرتنا الليالي التي لم نستطع فيها النوم:
الليل يعني ليالي السهاد.
ليس هناك إحساس زائف.
إنني أؤمن مع ذلك المجنون “كالفن” بأن الخلاص أو اللعنة مقدرين لنا سلفًا ونحن في أرحام أمهاتنا.
لقد عشنا حياتنا بالفعل قبل أن نولد.
أشعر أنني حر، لكنني أعرف أنني لست كذلك.
كان يجب إعفاؤنا من مشقة حمل الجسد: مسئولية النفس كانت كافية.
الكتاب انتحار مؤجل.
مهما نقول يبقى الموت هو أفضل شيء أوجدته الطبيعة لإسعاد الجميع. حيث في كل منا، يختفي كل شيء، يتوقف إلى الأبد. يا لها من نعمة، يا لها من إساءة!
بدون أدنى جهد من جانبنا، نملك الكون، ونجرّه نحو اختفائنا، الموت لا أخلاقي… لا شك في هذا.
تبدو البراءة هي المنزلة الأفضل، ربما المنزلة الوحيدة الأفضل، ومن غير المفهوم أن يسعى الإنسان المستمتع بها إلى التخلص منها.
وبرغم ذلك، فإن التاريخ منذ بدايته وإلى أن وصل إلينا هو ذلك الأمر ولا شيء غيره.
ليس للواقع أدنى أثر في أي مكان – باستثناء احساساتي بعدم الواقعية.
مهمتي هي المعاناة من أجل كل من يعانون دون أن يعرفوا بذلك. يجب عليّ التضحية من أجلهم، والتكفير عن جهلهم، فقدرهم أنهم يجهلون كم هم تعساء.
في بالوعة على جانب الطريق أفضل من فوق قاعدة تمثال.
التعبير عن الهاجس هو إسقاطه خارج ذاتك، لكي تصطاده، لكي تتخلص منه.
الهواجس هي شياطين عالم بلا إيمان.
في أعماق قلبه، يطمح الإنسان في استعادة الحالة التي كان عليها قبل الوعي. والتاريخ ليس سوى هذه الانعطافة المؤقتة التي يسلكها للوصول إلى تلك الحالة.
إذا لم ندرس الأشياء بدقة وشمول وعمق فليس لدينا سوى إدانات حينئذ.
حالما تستغني الحيوانات عن الحاجة إلى إخافتها لغيرها، تسقط في الدوار وتصاب بنظرة الذهول والانشداه التي تصيبها في حديقة الحيوان.
سيعاني الأفراد والأمم من نفس هذا المظهر، إذا تمكنوا يومًا ما من العيش في انسجام، بحيث لا يرتعدون سرًا أو علانية.
نلاحق أيًا كان ما نلاحقه من دون عذاب – بل رغبة في العذاب.
بحثنا المضني عن الخلاص عذاب، وعلى الأصح، هو الأفضل بين جميع العذابات لأنه الأكثر خداعًا وتمويهًا.
حالما نبدأ في الرغبة والاحتياج، نقع تحت سلطة الشيطان.
ذلك الضوء الباهت داخلنا يرجع إلى ما قبل ولادتنا، قبل كل الولادات، وهو ما يجب علينا حمايته إذا أردنا التوحد مع ذلك المجد البعيد الذي لن نعرف أبدًا لماذا انفصلنا عنه.
في الطب النفسي، تهمني تعليقات المرضى فقط،
في العمل النقدي، النصوص فقط.
نقوم بالاختبارات، والقرارات، مادمنا ملتزمين فكريًا بأسطح الأشياء، وبمجرد بلوغنا الأعماق، لا نقدر على الاختيار ولا اتخاذ القرار؛ لا نفعل شيئًا سوى الأسف والحسرة على مستوى السطح…
الخوف من الانخداع، هو الترجمة الوقحة للبحث عن الحقيقة.
ليس لديّ إيمان، لحسن الحظ.
فلو كان عندي، لتحتم عليّ أن أعيش الخوف المستمر من أن أفقده.
لذا، علاوة على أنه لن يساعدني، فإنه لن يفعل شيئًا سوى إيذائي.
نبتسم، لأنه ليست هناك إجابة يمكن تصورها،
لأن الإجابة ستكون إلى حد بعيد بلا معنى أكثر من السؤال.
الفقير، بالتفكير المتواصل في المال،
يصل إلى درجة خسران الميزات الروحية لمن لا يملك،
وبذلك يتساوى الفقير والغني.
لا أحد يبلغ مرتبة الحكمة ما لم ينعم بالحظ السعيد المقترن بالتعرض للنسيان أثناء حياته.
برنامج إذاعي عن الذئاب، وتسجيلات عوائها. يا لها من لغة! الأكثر تمزيقًا للفؤاد من بين ما أعرف، ولن أنساها أبدًا.
من الآن فصاعدًا، في لحظات الشعور بالعزلة المفرطة، احتاج فقط إلى تذكر هذه الأصوات للإحساس بالانتماء إلى جماعة.
لا يمكن العيش من دون دوافع. ليست لديّ دوافع، ولازلت أعيش.
2 – دموع وقديسون.
الصوفيون والقديسون ليسوا بحاجة إلى أعين، إنهم لا ينظرون إلى العالم. قلوبهم عيونهم.
الوثنية هي تعميق المظاهر، بينما القداسة هي مرض الأعماق.
يعيش القديسون في اللهيب، والحكماء من الرجال بعدهم مباشرة في المرتبة.
وحدهما الجنة والبحر بإمكانهما جعلي أقلع عن الموسيقا.
أن تخاف يعني أن تموت كل دقيقة.
قلب دون موسيقا كالجمال دون كآبة.
ما دام المرء يؤمن بالفلسفة، فهو معافى، يبدأ المرض عندما يشرع المرء في التفكير.
الأرواح الخفيفة فقط يمكن إنقاذها: تلك التي لن تكسر أوزانها أجنحة الملائكة.
نحن جِراحِ الطبيعة…
… كل الفلاسفة مجتمعين لا يساوون قديسًا واحدًا.
بينما البشر مولعون بذكرى الجنة، الملائكة معذبون بالتوق لعالمنا هذا.
سيكون القديسون ببساطة مجرد مسيحيين، لو توقف القديسون عن جنونهم.
أتمنى لو كان قلبي أنغام أرغن، وأتمنى لو كنت أنا مترجم صمت الإله.
قل لي كيف تريد أن تموت، وسأقول لك من أنت.
تملص الإنسان وهرب من الطبيعة. نجاحه في التملص والهرب هو مأساته.
لن أسمح لنفسي طالما حييت بنسيان أنني سأموت؛ أنتظر الموت ولذلك بإمكاني عدم القلق بشأنه.
من المهد إلى اللحد، يدفع كل فرد ثمن خطيئة كونه ليس إلهًا.
لذلك الحياة أزمة دينية متواصلة، غير جوهرية للمؤمنين، ومحطمة للمتشككين.
الحياة ليست حلمًا، والموت حلم.
ابتكرتهما المعاناة كمبرر ذاتي، والإنسان وحده يتمزق بين اللاحقيقة والزيف.
3 – الجزع والتمزق.
أن تكون يعني أن تكون مهمشًا في أحد الأركان.
علينا أن نغيّر أسماءنا بعد كل تجربة مهمة.
يقول اليابانيون، الزهرة التي تسقط هي فقط الزهرة الناضجة. وبالمثل يستحسن المرء قول ذلك عن الحضارة أيضًا.
يعمل الشك بعمق داخلك مثل المرض أو بمعنى أدق، مثل الإيمان.
شاب وشابة، كلاهما أبكم، يتفاهمان معًا بالإشارات، كم هما في سعادة معًا!
تقترح كل الدلائل أن الكلام لم يكن ولا يمكن أن يكون أداة نقل السعادة.
يتشبث المرء بالتفاهات والأوهام ويتعصب لها كي لا يدرك ما تخفيه،
إنه يتملص من العدم بشيء أكثر بطلانًا وخواء.
تكون المفاوضات المثمرة فقط مع المتحمسين الذين توقفوا عن أن يكونوا متحمسين، عن أن يكونوا بتلك السذاجة السابقة، فصاروا هادئين أخيرًا سواء طوعًا أو كرهًا، وتلك هي الخطوة الحاسمة نحو المعرفة، تلك هي الترجمة الموضوعية للإحباط.
في ساعات الأرق، كل لحظة ممتلئة جدًا وفارغة جدًا لدرجة اقتراح نفسها كغريم للزمن.
محاولتك معالجة شخص ما من “رذيلة” هي من أعمق ما يمتلكه، هي محاولة لمهاجمة خصوصيته، وهو يفهم الأمر على ذلك النحو فعلا، نظرًا لأنه لن يسامحك أبدًا لأنك أردت منه تدمير نفسه على طريقتك وليس على طريقته هو.
مهما ارتقى المرء بنفسه، فإنه يظل يجر برفقته مهانة كونه – أو كونه حتى الآن – إنسانًا.
الصداقة ميثاق، معاهدة.
حيث يعد شخصان وعدًا ضمنيًا بألا يذيع أحدهما ما يعتقده فعلا بشأن الآخر. نوع من التحالف قائم على التنازلات المتبادلة.
وعندما يجهر أحدهما بعيوب الآخر، يبطل الميثاق وينفسخ العقد، وينفصم التحالف، فالصداقة لا تستمر إذا توقف أحدهما عن الاستمرار في اللعبة.
بعبارة أخرى، ليست هناك صداقة تسمح بدرجة من الأمانة الزائدة.
الأبدية لا وجود لها.
لأن الحياة نقيصة – فهي اشد نقيصة بين كل النقائص.
عندما يحدث وأكون متصالحًا مع شيء، حتى مع الإله ومع نفسي، يكون رد فعلي الفوري مثل الرجل الذي في يوم مشرق، يعذب نفسه لأن الشمس سوف تنفجر بالتأكيد في خلال بضعة بلايين من السنين.
ما الذي علينا أن نعتقده بشأن الآخرين؟ أسأل نفسي هذا السؤال في كل مرة أدخل فيها في علاقة مع أصدقاء أو معارف جدد.
كم هو غريب بالنسبة لي أننا موجودون، وأننا نرضى عن ذلك.
كل ما يمكن قوله تنقصه الحقيقة دائمًا – فقط ما تخفق الكلمات في التعبير عنه هو الموجود والذي يمكن الاعتداد به.
أن تفكر هو أن تلاحق القلق وتفتش عنه…
المفكر حسب التعريف إنسان حريص على العذاب.
ليس هناك من معنى في قولك إن الموت هو الهدف من الحياة. لكن ما الذي يمكن قوله خلاف هذا؟
يكون المرء إنسانًا بحق عندما يتوقف عن أن يكون إنسانًا.
كل شخص مخطئ، كل شخص يعيش في الوهم، يمكننا في أحسن الأحوال الاعتراف بتدريج للخيالات، بهرمية للأغاليط والأوهام…
الشيخوخة، في النهاية، هي مجرد عقوبة على العيش.
الأمل هو الشكل العادي للهذيان العقلي.
نكون متحققين فقط عندما نطمح إلى لا شيء، عندما نتشبع بهذا اللاشيء حتى نثمل.
ليس من الطبيعي أن نكون أحياء، نظرًا لأن الكائن الحي يتواجد فعلا وفقط عندما يكون مهددًا. الموت باختصار ليس أكثر من توقف لحالة شاذة.
نعيش في الخطأ ما دمنا لا نعاني.
لكن عندما نبدأ في المعاناة، نعانق الحقيقة فقط للاعتذار عن ذلك الخطأ.
المكانة الوحيدة الحقيقية هي في الإقصاء والاستبعاد.