لكي تبكي، عليك أن توجه خيالك نحو البكاء، وإذا كان هذا مستحيلاً لاعتناقك مبدأ الإيمان بالآخرين، فتخيل صورة قدم يأكلها كم هائل من النمل، أو صورة خلجان مضيق مجالانس التي لا يدخلها أحد أبداً. وعندما تصل إلى حد البطاء، غط وجهك بوقار بكفي يديك. الأطفال عندما يبكون يغطون وجوههم بأكمام قمصانهم، ويفضلون الجلوس في ركن ما من غرفة مظلمة. يمكنك أن تستمر في البكاء لمدة ثلاث دقائق، وهو الحد المتوسط.
مقدمة لتعليمات لف عقارب الساعة
فكر في هذا جيداً: عندما يهادونك بساعة، يهادونك في الحقيقة بنار صغيرة مذيلة بقيد من الورود، بسجن مظلم خالٍ من الهواء، لأنهم لا يهادونك بالساعة وحدها، هذه القطعة الصغيرة التي تجعلك سعيداً وقتها، ويتمنون لك أن تدوم لأنها من نوع جيد الصنع فهي سويسرية، إنهم لا يهادونك بهذه القطعة التي تضعها في رسغك وتتنزه معك أينما تذهب. إنهم يهادونك، وهم لا يعلمون، والمصيبة أنهم لا يعلمون، بالقطعة الهشة والمتغيرة بذاتك، بشيء ينتسب لك لكنه لا يسكن جسدك، بشيء يجب أن تربطه فوق جسدك بأستيك، كذراع صغير يائس معلق فوق رسغك.
إنهم يهادونك الاحتياج لأن تلف عقاربها كل يوم، يجبرونك على ذلك لكي تدوم الساعة، يهادونك بالفكرة المتسلطة لتنتبه إلى الوقت المضبوط لزيارة محلات الذهب، ومواعيد برامج الراديو والخدمة التليفونية، يهادونك بالخوف من أن تفقد كل هذا، أو واحد منه، الخوف من أن تسرق الساعة أو تقع على الأرض أو تنكسر.
إنهم يهادونك بنوع جيد من الساعات ويؤكدون لك أنها أحسن الأنواع. يهادونك بالمقارنة بين ساعتك وساعات الآخرين.
إنهم لا يهادونك بساعة، وإنما أنت الهدية.. نعم، أنت الهدية التي قدموها للساعة في عيد ميلادها.