مصطفى ذكري مغرم بالتقنية، والمهنة، مغرم بخيانة بالشكل وخيانته، والانقلاب عليه، ينتمي إلى معسكر الكتاب الذين يبرمون العقود وينقضونها،هكذا يحدد “اليوميات” شكلا لكتابه الجديد “على أطراف الأصابع” بينما الخروج من الجاذبية هو خروج من اليوميات، وتحطيم لها بالضرورة,
في الكتاب لا توجد يوميات بالمعنى (رغم العنوان) كل الأيام محذوفة والتواريخ والأماكن، وليس ثمة وقائع أو شخصيات أو أحداص أو حتى ذكريات، نص مفتوح أو مجموعة من النصوص استبدلت عناوينها بأرقام لا دلالة لها في إشارة كلاسيكية إلى نوع من الانسجام الجمالي المحكوم بمفاهيم رياضية، كتب أرسطو يوما “من لا يحس الرياضة لا يقف على قبري”.
فضاء مفتوح في عالم نخبوي تماما يتراوح بين الأدب والسينما يستعيد فيه مصطفى ذكري بعض المشاهد السينمائية للمخرجين تاركوفسكس وبيرجمان وهيتشكوك ويلاحق كافكا وديستوفيسكي وبورخيس وإدجار آلان بو، وكل الكابوسيين والممسوسين الذين يشبههم أو يشبهونه.
قراءة مغايرة تعيد بناء المشهد وتعيد صياغة الأسئلة، تلك طريقته في التأسيس وبناء فرديته، فما يحصله أغلب الأشخاص من تجارب حياتية يحصله مصطفى ذكري بالقياس والمقارنة والمقاربة والمراقبة وساعات الفراغ وهو ام يسمح له بثقة مفرطة في إعلان الشراكة مع هذا العالم الذي يقف له على أطراف الأصابع بإصرار على الخروج من الجاذبية.
وحين يضع قدميه على أرض الواقع مستعيدا بعض الجاذبية يدخل في الأيديولوجيا ويسخر من جابر عصفور وعلاء الأسواني ويصف إدوار الخراط بالكاتب متوسط الموهبة ويسحق محمد العشري، الوحيد الذي انفلت من المجزرة المجانية (وهي مجزرة مجانية من حيث هي خارج سياق الكتاب وسياق الكاتب) وحده الكاتب هيثم الورداني المنفلت الوحيد من المجرزة ربما لأنه أيضاً خارج الجاذبية.