يقدم الكتاب تأسيسًا نظريًا وأمثلة تطبيقية لمقاربات متنوعة في التحليل النقدي للخطاب. ويتكون من سبعة فصول؛ الفصل الأول تقديم للكتاب وهو معنون بـ”التحليل النقدي للخطاب: التاريخ؛ البرنامج؛ النظرية؛ المنهجية”. ويتناول الفصل الثاني الجوانب النظرية والمنهجية في التحليل النقدي للخطاب عند فوكوه وتحليل التصرفات، أما الفصل الثالث فيحمل عنوان “الدراسات النقدية للخطاب: مقاربة معرفية-اجتماعية”، ويقدم فيه تون أ. فان دايك مقاربته الخاصة في تحليل الخطاب. في حين يعالج الفصل الرابع المقاربة التاريخية للخطاب، يختص الفصل الخامس بمقاربة تجمع بين علم لغة المدونات والتحليل النقدي للخطاب، وتحمل عنوان “فحوص وتوازنات: كيف تسهم المدونات اللغوية في التحليل النقدي للخطاب”. يعالج الفصل السادس “الخطاب بوصفه إعادة بناء سياق الممارسة الاجتماعية”، ويقدم أمثلة تطبيقية لتحليل الخطاب في مؤسسات العمل. وأخيرًا يكتب اللساني الإنجليزي الشهير نورمان فايركلف فصلا عن مقاربته للخطاب، بعنوان “مقاربة جدلية– علائقية للتحليل النقدي للخطاب في البحث الاجتماعي”.
في مقدمته للترجمة العربية، يذكر مراجع الكتاب الدكتور عماد عبد اللطيف أن المقاربات التي تعمل في إطار التحليل النقدي للخطابتتعدد، بحسب ما تكشف في فصول هذا الكتاب؛ لكنها تشترك في المنطلق اللغوي لتحليلاتها. وذلك استنادا إلى أن اللغة مجلىً للسلطة. وربما كان هذا الفهم العام للعلاقة بين السلطة والخطاب جزءًا من المشترك العام بين ممارسي التحليل النقدي للخطاب. ولا يُعد الاختلاف في الأسس النظرية التباين الوحيد بين هذه المقاربات، إذ ثمة اختلاف في إجراءات التحليل، وآخر في الظواهر المدروسة. فعلى الرغم من أن هذه المقاربات تتفق في اتخاذ اللغة والظواهر السيميوطيقية موضوعا لدراستها، فإنها تختلف -إلى حد كبير- في تحديدها للظواهر التي يراها كل توجه جديرة بالدرس. وهو ما قد يرجع إلى الاختلاف في التقييم النسبي لقدرة كل ظاهرة على الإفصاح والكشف عن السلطة التي يمارسها منتج اللغة ويبتغيها.
ويؤكد الدكتور عبد اللطيف في مقدمة الترجمة أن مشروع التحليل النقدي للخطابربما يكون هو الأهم على الساحة الأكاديمية من بين الحقول المعرفية المعنيةبدراسة العلاقة بين الخطاب والسلطة. وربما يرجع ذلك -إضافة إلى قوة الجذب التي ينطوي عليها نبل الغاية التي يعلن أنها مقصده، وهي تداعب حلما رومانسيا لدى كثير من البشر يتمثل في تقوية المستضعفين وإضعاف المتجبرين- إلى قدرته على تقديم نفسه بوصفه ممارسة أكاديمية، تُمكِّن الباحثين، الذين ينتمون أساسا إلى حقل الدراسات اللغوية، من مناوشة الواقع بمشكلاته وتحدياته.