هذا ما كنت سأفعله فيكم ..
لكنني وجدت شيئا. لما لا أخبركم بفكرة أخرى تدور في ذهني؟! .. أنا أحب كريستينا. ولهذا قررت أن أتحول إلى المسيحية من الإسلام.. إذا كنا نتدين على دين أهلنا ؛ فمن الطبيعي الآن أن أتدين بدين من أحب، طالما سأظل أعبد نفس اللإله .. فالمسيح ومحمد يعبدان نفس الإله.
هذه الفكرة يدحضها الرجال من الدينين في الجامع والكنيسة.. وعليه؛ فلن أخبرهم بأى شيئ .. لقد اكتشفت حتى لو تحولت إلى المسيحية فأنا أفضل ممارسة الطقوس الإسلامية في العبادة، وأحبها إلى قلبي الصوم.
وهكذا قالت كريستينا.. فهي لا ترى فى الجامع مكانا يستحق الذهاب كما الكنيسة، حتى لو أصبحت مسلمة. أترون أننا نفكر بنفس الطريقة .. أو بمعنى أصح نحن حمقى على نفس الشاكلة. لذلك لا أستطيع أن أتخيل أن حياتي مع حبيبة غيرها.
كم أتمنى لو كانت بجواري الآن لأضمها في قبلة طويلة.. لقد اكتشفنا أننا لسنا متدينين بما يرضى الله.. ولكن للحظة رأينا أن ما يرضى الأله لا سبيل إلى معرفته إلا بطريقة واحدة.. أن يخبرني هو. فسؤالي ليس عن رضاءه عن أحد غيري، لأعرفه من غيري. إن القرآن والإنجيل مملؤان بالإشارت لمعرفة هذا الرضاء.. وكل ما يقترح علينا القس أو الشيخ هو فهمه ومذهبه والنمط الذي يحاولان –ولا نعرف النوايا – أن يقدماه على أنه الدين، وأن من يقول غير هذا هو داعية الشيطان لا قصد له إلا الإباحية وشيوعها.
إذن فهل نحن متدينان؟ وهل بما يرضى الله؟ هكذا كان التساؤل.. لا أحد غيرنا سيتلقى هذه الإجابات.
وماذا لو عشنا كأزواج؟.. مدنيا مسموح، لكن الدولة الجبانة تخاف من أن تقف بجوار المواطن في حريته، وسيستطيع ضابط( الأمن الوطني) المختص أن يقتلني وكريستينا وبموافقة أهلينا.. فقط لكي لا يكبر الموضوع!! فقط لأنه عاجز عن حماية حتى نفسه.
فلنعش سويا كأزواج دون أن يعلم أحد.. لكن كيف سيحدثنا الله، ويخبرنا برضاه ونحن نمارس ما يعتبر في الملتين زنا؟ لو كنا نبحث عنه بحق فالرب معنا.. هذه حقيقة. نستطيع أن نسافر. وخارج مصر هناك حياة بحق تستطيع أن تعيشها كإنسان.. لكننا وجدنا أيضا أن الإنسان بدون وطن ليس إنسان، ومن يتخلى عن بلد كمصر- قد يكون لأنها وطنا – بكل ما فيها لن يستطيع أن يضمن ولاءه لحبيب أو قيمة .. كان هذا في ليلة صيفية – بميدان التحرير في إعتصام 8 يوليو بعد ثورة التحرير “يناير”- عندما توصلنا لذلك.
كانت كريستينا تناقشني في حكم ملك اليمين في الإسلام .. إنه حق موجود كحق الزواج من أربعة… لما تم تعطيله؟ هل فقط تبعية رخيصة لمواثيق الدول التى دوما تستعمرنا؟! إذن فلتتخذني ملك يمين لك.. وأنا موافقة لقد علمت أن هناك فرق كبير بين ملك اليمين والرقالعبيد .. وأنا حرة.
ابتسمت وأشعلت سيجارة : ولكن ملك اليمين مسلوبة الإرادة .. لا تملك نفسها على ما أعتقد .. فعلى الأقل دعينا نفعل هذا في ميدان غير التحرير!
أعشق كريستينا؛ فهي الوحيدة التى من الممكن أن أعتصم من أجلها في الميدان بعد مصر!
لا تمل كريستينا أن ترسم صورتي بكافة التقنيات فهي فنانة بارعة .. أعشق عندما تركز في وجهي للرسم، وهي تدخن سيجارتها الرفيعة للغاية.. وعندما تنتهي من شيئ وترتع بأنفها مستنشقة الراحة وممتنة لصنع يدها.. أنا أحب كريستينا .. وكنت أتمنى لو اتحدث عنها، وتفاصيلها، وذكرياتنا، ومشكلتنا في كل كتاباتي. ولكني أود أن أؤكد على الموضوع الذي بدأته فقد تفهمت حب علاء وحمادة للجنية بحبي لكريستينا.
أما الخيانة التي تتمثل في أن الصديقين يحلمان بنفس الفتاة ؛ فليس عن سوء فهم أو خداع شيكسبيري لخلق المفارقة .. إن كل منهم رأى أن الآخر لا يستحق الجنية.. فعلاء مبسوط ماديا ويستطيع أن يميل رأس أي فتاة فى المنطقة.. وحمادة مش هيخرج من جو المخدرات..حرام البنت تتبهدل معاه ووراه في الأقسام.
يوميا يتقابل علاء وحمادة على القهوة. وقد أستشعر الجميع أن علاء متغير، عندما كانوا يقضون سهرات فوق سطح عمارة محمد عطية.
إن علاء وحمادة أصدقاء طفولة وجيرة .. ليس غريبا أن يقعا في حب واحدة أو يختلفان على امراءة. فكل الأصدقاء كذلك.. ولكن لما أحتقر علاء حياة صديقه بسهولة؟..وحقد حمادة على علاء.. وكأن كل منهما كان يضمر للآخر شيئا نقصه الدافع.
وقفت اتأمل ذلك.. في ليالي الاعتصام..كل ما أعرفه أني أحب كريستينا.. ولن أضع شيئا في طريقي إليها.. وهذا ما يدعونا إلى التفكير فيما هو موقف الجنية من هذا الجدل المحتدم؟
ورغم أنني أفضل تحييد الجنية لفهم الموقف، إلا إني سأذكر معلومة واحدة فقط، وهي ان الجنية لم تحسم اختيارها كقحبة متمرسة. فهي تفضل في الأثنين، وتكره في الأثنين أشياء.. وعليه فإن نهاية الأفلام العربي لقصة فتاة مثل الجنية من الطبيعي أن تتنتهي بأن بقتلها أحد الحبيبن!
الحقيقة أن الأمر أزمة عادية نهايتها لم تكن على المستوى المتوقع من مدمني الأفلام الأمريكية .. فكانت الأيام تنساب من بين أيادي الجميع ..وما في القلب في القلب.. على حد تعبير حمادة (كنت أتمنى لو أنى أكتب رواية لشرحت لكم لما حمادة هو تاجر المخدرات أو الصايع وعلاء هو سائق الميكروباص أو الكسيب) في لحظة.. تم تسليم حمادة وما معه من مخدرات (برشام وحشيش).. لم يدرك حمادة إلا وهو في النيابة..
وكالعادة لا يحي الإنسان بدون نسق من الأفكار يبرر له مجريات الحياة.. فإن حمادة ارتضى أن يكون المغدور به ولكن ممن؟! من أعز أصدقاءه.. ولما؟ من أجل واحدة من بنات حواء. وبمرور الوقت استطاع أن يؤلف أغنية من أغاني “العنبرة” على لحن أغنية شهيرة استمع إليها في السجن أيضا.. ينعى فيها غدر الزمن، الذي يمكن الصديق من صديقه وينقلب عليه من أجل امراءة.. وهذا هو حال اللى عايش الدنيا بقلبه.. لكن خلاص اتعلمت!.
بالمناسبة من غير الأخلاقي أن نسخر من حمادة ومشاعره.. فهو في الأمر مثل أي معتقل سياسي يؤلف نفس الأغاني التى ينعى فيها النظم والجور وما إلى ذلك.. لكن “الهطل” الكامن في عقل حمادة لم يمكنه من فهم أن الذي باعه وخانه هو معلمه الذي أعطى له المخدرات ليبيعها. وأن الذى غدر به هو ضابط القسم، الذي من المفروض أن يعتبره مواطنا في المقام الأول على كل شيء، وقد أبرمت الصفقة بين المعلم والضابط على أن يسلم له بعض الصبيان لكي يقفل بعض القضايا .. وهذا بعيدا عن علاء تماما، الذي كان وحيدا صامتا يقود السيارة على الطريق الصحراوي فى اتجاه القاهرة مشغلا إذعة القرآن الكريم عاجزا عن لملمة الفراغ الذي بداخله، والعزيمة المفتتة.. لأنه علم على القهوة أن الجنية ملعوب فيها، بمعنى أنها عدت على غيره قبله، وبذلك فلن يستطيع أن يتزوجها أبدا.
ما أثارني هو لم لم يذهب ليزور حمادة في السجن؟. لقد كان حمادة ينسج الملاحم خلف الأسوار، ويقترف ما يطيل مدته ويعمق شعوره بالاضطهاد والإقصاء من المجتمع.
والجنية جالسة أمام المرآة تمشط شعرها الفاحم القوي ناظرة إلى نهدين نافرين كقباب الأماكن المقدسة.
لكريستينا، رغم كل شيء، أجمل شفاه ومنها أطعم قبلة.. أنا أحبها وأحب مشكلتنا معا.
تقول أنني يجب أن أتحلى بالشجاعة.. أن نتحدث عن مشكلتنا في كتاباتي.. كما تستخدم هي وجهي كموضوع دائم.. أن نعلن ما نحن عليه.. حتى لو أقحمتها إقحاما فيما أكتب… وها أنا أفعل لأنى أحب كريستينا.
خاص الكتابة