ففي اللحظة التى أجد نفسي وحيداً، فلا يكون أمامي إلا المكتبة، عيني تتجول على الارفف وعناوين الكتب، فأشعر بأنها تمدني بالحلول والإجابات للأسئلة التى تحولت من كثرتها لمشنقة معلق فيها عقلي الصغير، وأشعر ايضا بأنني ليست واحداً وحيداً في هذا الكون، بل أنا شجرة جذورها ضاربة في صميم العقل والوجدان العربي وفروعي إأن كانت تبدو – للجهلاء ـ غير ظاهرة، تتكاثر، وأوراقي خضراء دائما، لن اتحدث هنا عن اعشاش العصافير أو اسراب اليمام التي تستريح على اغصاني، لكن شجرتي – والحمد لله – طردنا منها كل ما يقلق راحتها، ثعبان ماكر أو ثعلب خبيث، وبالطبع فإن شجرتي تستقبل أي قطة يطاردها مجموعة من الكلاب في أوقات النهار أو الليل.
وهنا اصبح مستعدا لمواجهة العالم المتسع الرحب، عالم متسع دافي لا اخجل ان اتعري أمامه، خاصة عندما اوفق في مد يدي للحصول على كتاب اجد نفسي بين ضفتيه، مكتبتي تفعل ذلك بيسر وسهولة، وهنا تبدأ المتعة تغزو عقلي ووجداني، عندما افتح عيني اكثر من الدهشة، وابتسم ابتسامة طفل اهداه والده بعض الحلوي، وأتساءل اين كان هذا الكتاب منذ لحظات، واكتشف أن مشاكل تحل دون عناء مني، وأن وحدتي قد انهارات كآبتها وجدرانها واتسع الكون بقوته وشغفه وحدته وبساطته ايضا.
وهنا – اتمني ان يطول الوقت وانا في حضرة مكتبتي وبين ارفف الكتب وضفاف الصفحات، عائما بين شواطي السطور، افك الطلاسم وابتسم اذا وجدت اجابة لسؤال كنت ابحث عن اجابته.
وإذا انتقنا من مكتبتي لمكتبة البيت العربي والتى لم ارها عند الكثيرين، خاصة وان كررتين الغسالات والثلاجات اصبحت ملجئاً للكثير من كتبهم، واذا كان الكثيرين قد ملأت البدانة أجسادهم وعقولهم بسبب التهام كميات كبيرة من المأكولات ذات السعرات الحرارية العالية والتى لن يستطيع حرقها بسبب -الكسل الدائم- نظرا للجلوس الممتد والدائم امام شاشة التليفزيون او الكمبيوتر، فهل يأتي اليوم الذي نتناول فيه غذائنا ونحن مغلقين الفم؟ وأن يصاب الإنسان العربي بالحمية الورقية في عقله، وان تضخم عقلية الوطن العربي لتصبح له مكتبة ترحب بكل العالم وتتفاعل مع كل العالم وتواجه كل العالم، ليصبح البيت العربي أو ما يستقبلك .. يستقبلك بمكتبته التى يتمني العقل العربي ان تكون مثل مكتبتي المفتوحة – بحب – على اتساع العالم.