تتحلى نبيهة عبد الرازق بالجرأة المدهشة التي من خلالها تعاود التأكيد على أن الرومانسية لا زالت تستطيع أن تحتل مساحة من حياتنا ، فتبرع في سرد التفاصيل، وتصوير الأحوال والأحداث النفسية والحسية بما تمتلك من الأدوات اللازمة للتجربة الروائية ، و تتجاوز التقليد فتزاوج بين روايتها الحقيقية وبين الرواية التي كتبها احد أبطال القصة وهو أستاذ “رومينا” وحبيبها السابق، كما ويسجل للكاتبة أيضا الغموض الذي يثيره الاسم الغريب للرواية الذي تكشف عنه في نهاية الرواية
تجسد الرواية علاقة خاصة وحميمة بين رومينا “الابنة ” التي هي بطلة الرواية وبين والدها بما يشعرنا انه نوع من رد الجميل ، يؤكده الاهداء الذي في مقدمة الرواية ، وترتكز الرواية على المونولوج عبر سرد الأحداث بلغة شاعرية، مما يوحي ان للأحداث بعضا من الذاتية أو انعكاسا لمحاولات الخلاص الذاتي أو طريقة للبحث عن تفسير لوقائع خاصة، يؤكد ذلك القوالب الأفلاطونية أو المثالية التي لونت عددا من الشخصيات والأحداث، ولم يعكر صفوها إلا وفاة والد البطلة، مما يعكس رغبة لدى الروائية في رؤية العالم خالصا من آلامه وشوائبه ، بعيدا عن صراعه وشقائه ، وهي رغبة ربما فقدنا الأمل في حدوثها منذ أزمنة
تحتاج الرواية إلى مواجهة الواقع بإحداثياته إضافة الرومانسية التي تسودها ، في هذا السياق يؤكد الدكتور سليمان الأزرعي في شهادته في مقدمة الرواية، أن التجربة الروائية الأولى للكاتبة برومانسيتها المطلقة لن تنسحب على الأعمال اللاحقة ، وقد أكد بكل مسؤولية نقدية أن أعمالا قادمة ستحمل معها النجاحات الإبداعية ، وهي كما أكد ناشرها جهاد ابو حشيش على الغلاف الداخلي للرواية في تقديمه لها أنها تأبى النظر إلى منجزها الأدبي بوصفه عملا كاملا ، بل قابلا للنمو والتطور في محاولها الوصول إلى الأفضل، ذلك بالتأكيد لا ينفي الحاجة إلى العناية بتفاصيل المكان الأمكنة الوطن الذي كاد يبدو واضحا في الرواية ثم اختلط الأمر بعد ذلك فيما يتعلق بهويته
تمتلك نبيهة عبد الرازق الأدوات والحماسة ، والرغبة في الانجاز الروائي، وما بدايتها الرومانسية المبكرة إلا مسيرة ميل في مسيرة شجاعة بدأت بتجربة الخلاص الذاتي من الم ما، تمهيد المواجهة الواقع بغرائبه وشوائبه، وسنرى في الأعمال القادمة ما هو أكثر قدرة على إثارة الدهشة ، والاستئثار بالقارئ والناقد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
روائي وشاعر فلسطيني
خاص الكتابة