القصص مزيج من الأساطير التي قلب فيها الحقائق وحورها وطورها وفسرها ليجعل منها متعة الخلق ، لم يمسخ الكائنات إلى بشر مثلما فعل أوفيديوس.. بل فعل العكس .. لقد أنسن الكائنات في دورة حياة لا تستطيع ان تجزم فيها بأيهما جاء قبل الأخر مثل قصة (اختفاء الشمس ووقوع القمر فى الحب) عندما ” كان سرب الحمام يطير فى غروب الشمس عندما فجّرت قصة حب طائشة قلب الحمامة قائدة السرب، تلطّخ الغروب بالدم، وطَرَفَتْ عين الشمس، فنزلت بسرعة لتغسلها فى النهر، تَلَقًّفَها تمساح متهور، فوجئت به وحاولت أن تفلت منه، إلا أنه قبض عليها بسرعة وقوة ” انها بداية القصة التي كانت نهايتها أيضا وهذه هي الحياة التي تبتدأ فيها النهايات تنتهي فيها البدايات. إنها قصة الخلق.
في جمل طويلة تليق بحكاء ماهر ينسج بقلمه أساطير لا تستطيع أن تنكر تصديقك لها حيث سردها بمنطقية محببه” هل هو انعكاس السماء على البحر أم تأثير البحر على السماء؟
وكيف يعرف أحد أن نجوم السماء لا تنعكس قوارب فى البحر، وقوارب البحر لا تنعكس نجومًا فى السماء؟ أو كيف أن البحر والسماء كانا يرتديان “أزرق” منذ وصولهما للحياة ولم يكونا بلون آخر، أو كانا بلا لون حتى وصل “أزرق” للحياة؟” عندها ستصدق بأنها ليست أساطير أو قصصا خيالية في لعبة يمارس فيها إثبات الخيال وجعله منطقيا تارة، ونفي الواقع وجعله غير منطقيا نارة أخرى . فعل عذا كله بشاعرية مكثفة سواء كانت شاعرية الصورة أوالمضمون أواللغة ” لم يكن “أزرق” موجودًا بأى مكان فى العالم غير عينيها، عميقًا كالبحر، ويمتلىء موجًا ومشاعر بما لا يسمح لأحد أن يتحمّل النظر فى عينيها”
يجمع الفخراني في قصصه بين متناقضات تشبه شخصية الطفل الحكاء أو الذي يحب الحكي بغض النظر عن صدق أو كذب الحكاية، وبين الراشد الذي ينمطق العالم ويعطي سببا أو تفسيرا أو تشبيها لخصائص الكائنات أو مبررات لوجوها مثل الجزر والمد والجزر والأسماك .لقد اخترع فعلا العالم ولم يكتف بذلك بل وضع له قوانين خاصة بماضيه ومستقبله.