لا تريد بعد إيمان مرسال الالتفات في الشعر إلى لحظة عاطفية أو الترحم عليها، إنها تمضي في قصيدتها إلى مطارح لم يسبق اكتشافها. تريد من شعرها تميزاً إخبارياً ملعوباً على قواعد العصر وحداثته من دون نبرة داخلية شاكية.
قوية قصيدة مرسال وجريئة وواضحة، ولا تريد من القارئ معاضدتها، بل تدله إلى عبثية العيش وكيفية قول هذه العبثية بحذافيرها.. تتذوق إيمان مرسال ما يقدمه لها هذا الكون، بفطنة جدها وتجريبها، وذكاء أحاسيسها المستولدة من الاستمتاع التام بكل حركة قامت بها خلال حياتها. بيد أن قراءة متأنية، تتيح لك أن تكتشف من خلال قصائدها، أنها تجهد لإقامة خلط كاذب بينها وبين القوة، ذلك أنها رقيقة وضعيفة ونحيلة، وتحكم قصيدتها عاطفة مخبوءة بين سطور القسوة والتحدي:
“أحْكم الستائر
حتى لا تتسلل إليه إضاءة البيت المقابل
الظلام تام وجوهري
الظلام نهائي ومضمون
أضغط بأصابعي على رأسي
على وشك صراخ موجه لأناس بعيدين”. (ص46)
قد يكون القنوط في شعر إيمان مرسال بمثل رداءة طعم الرجاء. لذلك هي لا تستعجل شيئاً، ولا تريد من قصيدتها الإبهار، بل تقدمها على ما هي عليه، ضاجة بمزيد من المزاج السيء الذي يسبغ على القصيدة معناها الخاص الجميل.
ـــــــــــــــــــــــــ
جريدة السفير- 6 يناير 1998