وحيد الطويلة
أحبوا نساءكم لتحيوا، لا أعرف بالضبط إن كانت هذه جملتي أم أنني قرأتها في الإنجيل أو التوراة أو تخيلتها في أحدهما.
أشعر بغصة ما بعدها غصة عندما أسمع عن حوادث التحرش التي اتخذت في وقت ما شكل الظاهرة، قولي عن الأخلاق والكبت الجسدي والسياسي وقمع الروح ما تقولين، لكن ذلك كله لا يبرر حادثة واحدة في رأيي.
لماذا نذهب بعيداّ، كل الهجمات التي تغطت بالديني والسياسي في مصر استهدفت جسد المرأة أولاَ وأخيراً، استهدفته من ناحية لتغطيته، واستهدفته من نواح أخرى لتستحوذ عليه وتغوص فيه – أحيانا يمكنك أن تقولي تلغ فيه – باسم الدين أيضاً.
أنهم يكرهون أجسادهم هم، لا يطيقون أن يسمعوا صوتاً لها، هم يتعاملون معها بأقل من الحيوانات.
سيوجع صورة مصر لسنوات مشهد البنت التي سحلت على أرضية ميدان التحرير، وشقْت عباءتها، لكن ما يوجعك أكثر تلك المقولات التي انتفضت لتبرير الجريمة، لماذا كانت تلبس عباءة بكباسين، كأن الخطأ منك أنت، أنت التي وضعت عينك في وجه المسمار الذي غرزه أحدهم ليفقأها، تاريخ الاستبداد والقمع متشابه.. فقط تختلف الوسائل.
يكرهون الحرية كراهة التحريم، إنها تعري عورات أرواحهم، وتسمعهم صوت النساء، لكن لا بأس أن يشتروها في الخفاء، الأمثلة لا تحصى.
إنهم يكرهون الفرد ، ذلك الذي ندافع عنه وننذر حياتنا له ، إنهم يريدون صوت الجماعة ، وصوت الجماعة دائماً لا يسمح بأقل قدر من التنفس ، يسمح لهم فقط أن يخرجوا لاستقبال واحد منهم بطريقة السلاسل البشرية ، البنيان المرصوص كما يتصورونه ، لا يسمحون للهواء أن يمر ، فكيف يفكرون في الحرية أولاً.
في مدينتي الريفية، طلبت المرأة المحجبة التي تفوح منها رائحة العرق للصيدلاني – طلبت بصوت زاعق أن ينحي مزيلات العرق الموجودة على أرفف بالصيدلية.. إنها تطلق رائحة زكية وتفوح عطراً يتنفسه الشيطان
في السعودية، مازلن يناضلن من أجل قيادة السيارة، يجتمع عليهن أهل الدين والسياسة.
في الكويت، أصيبت كرامتهم بجرح دامغ لأن أربع سيدات من لحمهن ودمهن نجحن في الانتخابات قبل الماضية، لم يبرأ الجرح حتى أسقطوهن في الانتخابات اللاحقة .
الرجل المقموع ابن الجماعة التي تتوسل بالسلاسل البشرية هل يفكر أصلاً في أن هناك كلمة اسمها حرية!
يا سيدتي هؤلاء لسن ضد حرية المرأة ، إنهم ضد حرية وجودها نفسه في غالب الأحيان .
الذين يتوسلون بالشريعة ، التي كانت قاطعة وواضحة في مسألة المواريث ، هل يعطون النساء حقوقهن ؟ في الصعيد وفي شمال مصر تكاد نسبة حصول النساء على حقوقهن لا تتجاوز 5 بالمائة.
يبقى وسط الصورة المعتمة ضوء واحد للنساء ، لم ينتظرن أن يمنحه لهم الرجال ، العمل الباهر الذي قامت به المرأة في ثورة مصر ، هو ثورة على الطغيان والاستبداد السياسي والديني والذكوري معاً، كاف ليحرر أمة باسرها ، يبقى مشهد البنات المحجبات في شوارع القاهرة ، لبسن الحجاب بين اقتناع وبين ضغط أسري وبين ضغط جماعة يعيشون فيها ، لكنهن تحايلن على الحكاية بالجينز والدندشة والذي منه ، :انهن يقلن بصوت واضح للحياة : نجن نحبك على طريقتنا ولو كره الكارهون.
أحبوا نساءكم لتستحقوا الحياة.
هل وردت في الإنجيل ؟، أم إنها طافت بخيالي.