وهو الآن ينقل شاهدته الخاصة
بنفسه. “كيف حالك؟”، قال لي.
أخبرته بكل شيء، مشاريعي، جميع محاولاتي الفاشلة.
على لوحة الإعلانات ثمة سبع عشرة فاتورة معلّقة.
ارمها بعيداً، ستعود إليك مجدداً بالتأكيد!”، قالها مبتسماً.
“لسنين عديدة كنت شديداً على نفسي”،
قال مسترسلاً، “أضطجع يقظان وأتفكر
كيف أكون إنساناً لائقاً،
فذلك أمر مهم!”.
قدمت له سيجارة،
لكنه كان قد أقلع عن التدخين الآن.
الشمس في الخارج تشعل النار في جميع السقوف والمداخن،
جامعو القمامة يصخبون ويصيحون على بعضهم
في الجادة تحت. نهض أبي من مكانه
مضى نحو النافذة وحدّق إليهم في الأسفل.
“إنهم مشغولون”، قال أبي، “هكذا ينبغي أن تكون،
افعل شيئاً!”.
الحبّ يُعمي
الحبّ يُعمي – وفي كل يوم، حين يمرّ الأعمى من هنا
وهو يدرج بعصاه
تتوقف حركة المواصلات كلياً ربع ثانية
فيما ملائكة الرب تصعد وتهبط
وطبيب العيون يغلق عيادته،
الحب يُعمي
لكن الجنس لا يضير: بصري لا عيب فيه
يمكنني رؤية كل شيء
لهذا السبب قصائدي الغرامية فاشلة جداً
بعينين مغلقتين أهمس في التليفون
وعند المحطة يقف الأعمى
مثل رسول إنجيليِّ
ويدندن تحت المطر:
معاق من الحب
العشاق الجدد يقبلون أنامل بعضهم
أعرف ذلك جيداً».
الرُّوحُ ترقصُ في مهدها
إذا صَحَّ أنَّ الرُّوحَ تُولَدُ عَجوزًا
وتَغدو، مع مَرِّ الحياة، أكثرَ شبابًا
فأنا وأنتِ أكبرُ، وأصغرُ،
واحدُنا من الآخَر؛
ومِثلُ هذا الاندِماج خَطِر.
لِنَكُنْ صادِقَيْن:
نحن نعيشُ، كلَّ يومٍ، مع القَدَر،
كما أولئك الَّذين يَعيشون في الدِّلتا،
مع المَدِّ والجَزر:
إنَّهم يَتآخَوْن مع القمر؛
ونحن نَعيشُ فيه.
القلبُ يَنبُضُ في حُرِّيَّة،
والرُّوحُ تَرقُصُ في مَهدها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نيلس هاو.
شاعر وكاتب قصص قصيرة دنماركي. ترجمت أعماله إلى العديد من لغات العالم كالإنجليزية والإسبانية والبرتغالية والتركية والإيطالية، ومؤخراً إلى العربية. صدرت له خمسة دواوين شعرية وثلاث مجموعات قصصية. وقد فاز بالعديد من الجوائز. يعيش نيلس في العاصمة الدنماركية كوبنهاجن مع زوجته الرسامة كريستينا بيوركي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جمال جمعة
شاعر ومترجم عراقى