حاورته : هبة إسماعيل
تتحدث كتاباته بعمق ومن دون صخب لتبحث عن اجابات لأسئلة كثيرة يطرحها الكاتب الطاهر شرقاوي وفي مجموعته الأخيرة عجائز قاعدون علي الدكك والصادرة عن دار نهضة مصر تشغله هواجس كثيرة اراد ان يشاركنا اياها,ليصل إلي اجابات مرضية عبر29 قصة مختلفة الحجم متنوعة العوالم, تتماس مع القارئ في أكثر من موضع, تجمعها فكرة العجز التي لم ترتبط بالسن ولكنها تعرضت ايضاللعجز الإنساني النفسي والجسدي. هنا حوار معه حول كتاباته الاخيرة
* لم يكن عنوان المجموعة اسم لأي قصة داخلها لماذا؟
** حاولت أن أجد عنوانا يعبر عن فكرة المجموعة وأن تكون دلالاته شاملة لما تحمله روحها اذ تهتم المجموعة في المقام الأول بعالم العجائز والموت فجاء العنوان دليلا علي انتظار هؤلاء العجائز للموت وهم قاعدون علي الدكك, ومن خلال ذلك هناك عملية اجترار للزمان والحكايات القديمة
*ما الذي دفعك للكتابة عن هذا العالم وأنت كاتب شاب لك اهتمامات أخري ؟
** عالم كبار السن فكرة مبهرة لي فمحيطي الاجتماعي الذي عشت به كان قائما علي احترامهم فالأهل والشيوخ الذين تولوا تعليمي في الكتاب والمدرسة كانوا عجائز وكنت أراهم دائما في عالم جذاب, من خلال دراستي الأزهرية اذ كانوا شيوخي كبار السن أو مكفوفين فاحتككت بهذا العالم منذ طفولتي وعالمهم مختلف عنا كثيرا, وخاص بهم ولهم تجمعاتهم وحكاياتهم الخاصة وأشعر دائما انهم في انتطار شيء معين يعرفونه هم فقط.
* كانت لغة الكتابة ذاتية وتتسم بالشعرية؟
** تتسرب في أي نص قصصي أو روائي وبشكل خفي جزء من ذات الكاتب أو جزء من مما شاهده في حياته, فالذاتية العالية أو الشعرية التي جاءت بالمجموعة كتبتها في لحظة معينة أحسست فيها أني أريد أن اكتب شعرا في تلك اللحظة تحديدا فظهرت في أكثر من موضع بالمجموعة.
* لماذا كان الحوار في القصص دائما داخليا؟
** الحوار الداخلي يجعلني استطيع ان أعبر بسهولة عن مكنون الشخصية نفسها أكثر من أن يكون هناك حوار أو سرد بين إثنين, وهذه ميزة تجعل في استطاعة الكاتب أن يمسك بشخصياته جيدا, وايضا تظهر الأبعاد النفسية بوضوح للأبطال.
* يشعر المتلقي بأنه ليس أمام مجموعة قصصية ولكن أمام مشاهد متقطعة من رواية؟
** أنا شخص ملول بطبعي فمن الممكن أن ابدأ في مشروع ثم أتوقف, فبدأت في مجموعة كان ابطالها في مرحلة الشباب لكني توقفت عن كتابتها بعد اربع قصص ممكن أن يكون نوعا من الكسل, لكن هنا في هذه المجموعة كانت هناك رغبة ملحة للكتابة عن عالم كبار السن والموت وأحاول أن اتناوله بشكل مختلف لكن احيانا كانت تصيبني حالة من التوقف والرغبة في عدم اكمال المشروع, والكتابة اعتمدت في الأساس علي الفكرة ومن الممكن ان يكون بطلها شخص واحد في النهاية أو شخص واحد كبير في السن وتدور القصص من خلال منظورة للحياة ونظرته لأصدقائه, لكن من الممكن أن يراها شخص آخر علي أنها قصص أو متتالية, ولم احاول ان اكتب عليها غير مجموعة لأن في اللاوعي عندي الإبداع مقسم إلي قصة ورواية فلا احب ان ادخل نفسي في مصطلحات نوعية
* دارت قصص المجموعة في الريف ماذا جذبك له رغم الكتابات الكثيرة عنه؟
** الريف به الكثير الذي لم يظهر حتي الآن من ثقافة وموروث وعادات من الممكن ان تكتب فهو مكان لم يكتشف بشكل كامل ولم يتم تقديمه بشكل كامل رغم كل الكتابات التي تناولته فبعض الكتابات كانت سطحية من الخارج, وقليلة جدا التجارب التي تناولته من العمق, وعالم القرية بشوارعه الترابية وجدرانه الطينية وأشياء أخري يعتقد البعض أنها إندثرت فلا تزال موجودة بشكل ما في بعض الأطاوف البعيدة.
* لماذا كان الموت هاجسا مسيطرا علي أبطال المجموعة؟
** أري أن الناس من الممكن أن تختلف علي أي شيء حتي وجود الله لكن هناك حقيقة واحدة يتفق عليها الجميع لا يمكن انكارها وهو الموت حقيقة مؤمنين بها وبوجودها, لكنه سؤال بلا إجابة مرضية فكل الاجابات تقريرية أو تحيلها إلي المشيئة الإلهية لكن هناك بحثا دائما عن إجابة مرضية لكي نفهمه اكثر وتجيب عن تساؤلات كثيرة يطرحها الحديث عنه, فالموت بالنسبة لي يمثل جزءا شائكا علي المستوي الشخصي.
* كان هناك تنوع لعوالم الموت بالمجموعة فما تفسيرك لهذا التنوع؟
** الموت نفسه لايوجد له اجابة واحدة له العديد من الاجابات فكل انسان له تصور مختلف عن الموت هناك من يستقبله بشكل ايماني اي انه مشيئة الهية وهناك من يستقبله بشكل اعتراضي علي المشيئة وهناك من يعتقد ان بعد الموت هو العذاب وهناك من يعتقد انه النعيم فالموت له أوجه متعددة لذلك استقبال الناس له مختلف ففي قصة الولد بائع الجريد بالنسبة له الموت مهنة ينتفع بها ويأتي من ورائها قوت يومه.
* لماذا اعتمدت في السرد علي التفاصيل اليومية البسيطة؟
** التفاصيل هي مايشكل حياتي وتشكل علاقتي بالآخرين بمعني ان كل انسان له تفاصيل من خلالها ممكن تكوين عالم لا اتخيل عالم بدون تفاصيل منذ بداية يومي وتبدأ التفاصيل التي تصنع طقوس الحياة اليومية والتي تجعل الانسان سعيدا فهي جزء أصيل في الحياة.
* لماذا كانت اللغة خليطا بين الفصحة والعامية؟
** سأتحدث هنا عن نقطتين الأولي عن المفردات هي فصيحة ولكن كثرة استخدامها من العامة اعتقد انها عامية والنقطة الثانية هي تركيبة الجملة بها روح العامية لكنها كتبت بمفردات فصيحة اي كاتب يحاول ان يصل إلي جملة خاصة به يشكلها كالصلصال أي تكون له جملة خاصة فحاولت ان اشكل جملة تحمل بلاغة العامية حتي في روايتي فانيليا حاولت ان اشكل الجملة بهذه الصيغة.
* تراوحت القصص بين قصص صغيرة وقصيرة جدا؟
** فكرة النص هي التي تفرض نفسها وهذا يجذبنا للحديث عن القصة القصيرة جدا التي تثير جدلا حول شرعيتها وعلاقتها بالشعر فيري البعض انها غارقة في الشعرية والغموض لذا تفقد اهم سمة وهي الحكي أو السرد لكن اري ان الموضوع نسبي فيمكن ان اكتب قصة في سطور قليلة وأخري أكتبها في خمسين صفحة القصة هي التي تفرض الشكل فتأتي لحظة لا أستطيع أن أكتب كلمة زيادة علي القصة.
* لماذا لم تستثمر نجاح روايتك الأخيرة فانيليا في كتابة رواية أخري؟
** قبل ان أكتب فانيليا كتبت رواية أخري لكن لم أنشرها ولن أنشرها لأني غير راض عنها وبعد فانيليا بدأت أكتب رواية لكن لا استطيع ان ارغم نفسي علي اقامة جدول معين للكتابة.
* هناك بعد ديني واضح بالمجموعة في الاصرار علي ذكر مقام سيدي التائه في معظم القصص؟
** لا أستطيع أن أحكم علي البعد الديني فهو متسرب من خلال ثقافتي الدينية والتائه هو اسم يعبر عن حالة الباحث عن إجابات الأسئلة التي تشغل البطل لأنه تائه وهي كانت فكرة اكبر وأردت أن اتعمق في تفاصيلها واتحدث في جوهرها لكن لم أكمل مابدأته.