،
ورئيسا لجمعية المستهلكين، وواحدا من أفراد الجيش الشعبي
- رؤية سيكارا فاخرا كانت دوما تملأه بالسعادة.
في وسط القرية بنى بيتا،
وهناك في غرفة مكتبه كان يجلس، ومن شباكها المطل على الشارع
كان يتابع ما يحدث وهو يدير أعماله ويدخن سيكاره. وبغض النظر عن
مكانة القوم كان يُحيّ الجميعَ بنفس تحية الاحترام، عارضاً عليهم
سيكاراً من تلك العلبة الخشبية، في جانب الهاتف.
كان مقص السيكار أداة لا يستغني عنها.
خيبتُ ظَنه بدون شك، حيث لم أصبح ذو أهمية
وما يتعلق بالتبغ، لم يكن لدي أي طموح. لم أصبح عضوا
في إدارة البنك – وبرأس ملئ بأحلام طائشة تركت القرية وأصبحت
واحدا من ثرثاري كوبنهاكن. الكلمات نعمة، ولكن، إلى أين تؤدي بنا؟
إن الحب، والاحترام الأكبر هو ذلك الذي يأتي من ألعائلة.
في العادة لا يطال.
توفى جدي قبل أن يشاهدني محققا لأي شئ في حياتي.
مقص السيكار لا زلت أحتفظ به، وبتمرين بسيط يمكن لي أيضا
أن أفتح به زجاجات البيرة، تلك التي أجيدها.
في لحظات خاصة مع ذاتي أشعر بالعار.
فلا ينفع أن أقول له الآن: يا جدي العزيز، لقد غيروا العالم،
والتدخين لم يعد مسموحاً، وحتى مدير البنك يقف اليوم خارج المبنى
وتحت المطر ليدخن في الخفاء كطالب مدرسة صغير.
لا جدوى في ذلك. واعتذار ساذج كهذا ليس له أية قيمة، فما شأني
بكل هذا. فأنا من حقق فشلي.
جدي ينظر إلي في ريبة من مكانه في السماء، وهو
يقطع نهاية سيكاره الهافاني، ثم يبلله بشفتيه
ويشعله بولاعة الطاولة الثقيلة التي صُبَّتْ في حجر الجرانيت.
بعطفٍ يَقبرُ كلامي المشوش في سحاباتٍ كثيفةٍ من
دخانِه الفاخر. لا ينطق بشئ، ولكنني أعلم بما يدور في ذهنه، وفي داخلي
ليس لي إلا أن أعطيه الحق.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* مقص السيكار هي أداة تستخدم من قبل مدخني السيكار لقطع نهاية السيكار قبل الشروع في تدخينه. (المترجم)
* عماد التثبيت ويسمى أيضا سر الميرون، وهو احد الأسرار السبعة في الكنيسة المسيحية، ويتم بعد سر التعميد. في الدانمرك يمارس هذا التقليد عندما يبلغ المرء سن الخامسة عشر. (المترجم)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نيلس هاو شاعر وكاتب قصص قصيرة دنماركي. سافر إلى عدد كبير من دول العالم قي أوروبا وآسيا وأمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية. ترجمت أعماله إلى العديد من لغات العالم كالإنجليزية والإسبانية والبرتغالية والتركية والإيطالية، ومؤخراً إلى العربية. صدرت له خمسة دواوين شعرية وثلاث مجموعات قصصية. وقد فاز بالعديد من الجوائز. يعيش نيلس في العاصمة الدنماركية كوبنهاجن مع زوجته الرسامة كريستينا بيوركي.