في ديوانه الجديد (كل ما صنع الحداد) الصادر عن دار (صفصافة) تطل المراوحة.
فجأة يتذكر خطابه السياسي وايدلوجيته الزاعقة فيهتف في القصيدة (يامن رأيتم العجوز ينزف، فهربت سيارتكم بسرعة.. يامن بيننا وبينكم، كل ما صنع الحداد).
مشهد أبيض وأسود، لا يليق بقصيدة حداثية.. هذه الميلودرامية السياسية أفسدت القصيدة.. علي حين تطل العذوبة في قصائد خيرالله المشغولة بقيمها الجمالية.. (فهذا الرأس الممتليء بالحكايات، والذي تبيت فوقه العصافير منذ سبعة وثلاثين خريفا دون ان تتذمر)..
هذا الرأس يكتب لمتعة الحكي وفرحة القصيدة.. أكثر من قصيدة بالديوان يشير خلالها إلي فعل الكتابة بمحبة فهو يكتب قصيدة عن نفسه (كأنه يصالحها).. (كل هذا العمر فقط من أجل أن يكتب القصيدة).
هذا الفعل الجمالي هو منتهي الطموح، ومنتهي الفرح، ومنتهي الحرية أيضا..
اعترف الآن اني سعيد
رسمت سحابة لأمي، لكنها لم تصل
زرعت شجرا في قلبي
لكنه لم يثمر بعد
اليوم، فعلت ما يحلو لي
محمود خيرالله ليس غاضبا تماما، أو ليس غاضبا فقط ليس لأن رسم السحابة أكثر أهمية من وصولها ولكن لأن أبطاله عاجزون وموتي.. جميعهم صامتون ليس ثمة أصوات أو حركة أو انفعال وغضب، مشهدية صامتة تؤكد عجز الجميع.
(الرأس ثقيلة كمن يذهب للحرب بمفرده) رغم ان الغاضب الحقيقي علي استعداد لأن يذهب للحرب بمفرده لكن المشهد داخل الديوان مثقل بالهزيمة والأسي.. هزيمة تغرق في شقائها دون طاقة علي الفعل أو الغضب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
* ناقدة مصرية