زيزي شوشة
(1)
اسمح لى أيها العالم
أن أقص أظافركَ
وأهذب شعركَ
اسمح لى أن أغسلكَ
وألبسك ثوبًا نظيفًا
ثم أهيل عليك التراب
………
(2)
فى كل ميدان
ساعةٌ منتصبةٌ
تحبط رجلًا يسير ببطء،
فى كل شارع
غريبٌ منطفئٌ تحت الجدران،
فى كل حشد
أعناقٌ جاهزةٌ للذبح
وأقدامٌ لا تعرف
ماذا تأخذ من الأرض؟
فى كل قلب شعرةٌ بيضاءُ
وغرفةٌ باردةٌ
لا يسكنها أحد
….
القطار يشقُّ المدينة
والساعة تدقُّ لاهثة
البائع المتجول يُضيعُ وقته
فى معركة خاسرة
السماء تمسك الأرض
فى قبضة واحدة
هذه المرة لن أُخدع
سأذهب إلى أبعد نقطة
حين أرتفع
ستتلاشى قدماى
سأعلو
إلى أن أصبح غيمة
يومًا ما سأتساقط مطرًا أسود
فى غرفة باردة
لا يسكنها أحد
….
صفحة سوداء
سماء فارغة
والفتاة الوحيدة
تستعد للرحيل،
فى طريقها إلى القطار
أفرغتْ حقيبتها
فصعدت الذكريات الأليمة
إلى السماء
….
صفحة سوداء
سماء مظلمة
وبينهما ظِلُّ فتاة ميتة،
وقطار يشق العالم
إلى نصفين
(3)
الأصوات منسحبة إلى البعيد
يحملها الهواء الأسود،
ليصنع ضبابًا محكمًا
وأنتم تعانون من الصلابة
قل لى أيها السائر:
كيف تمر على تلك المسكينة،
دون أن تذوب عظامك،
أنا أبكى كل يوم،
حتى تنضج ثمار الشجرة الوحيدة
أبكى حتى تتكون غيمة فى السماء
أبكى حتى يختفى تاريخي،
وأصبح بيتًا مهجورًا على الطريق
أنتم أقوياء حقًّا،
شظايا منثورة على الطريق
تنفذ بمهارة إلى قدم غريب
قذائف مستقبلية
عظام قادرة على ذبح العنق
أود أن أعبر لكم عن قوتي:
سألقى قصيدة علي،
جسد الرجل الأخرس،
ليسيل منه الكلام دمًا
بالحكاية المزهرة فوق جسدي،
سأبدد ظلام الرجل الأعمي
ليبتلع الضوء كله،
ثم يتساقط كقطرات الندي
بالإيقاع الصاخب،
سأثنى الرجل المستقيم
إلى أن يصير نطفة
سأمرر أغنية مذبوحة
فى جسد الرجل الأملس
ليصبح شارعًا لمتداولى الحزن،
إذا حكيت لك عن جولاتي،
فى وسط المدينة،
سأوسع شرايينك المتصلبة،
إذا أمسكت بيدي،
ومشينا معا
إلى نهاية الشارع،
إلى آخر القصيدة،
ستبدأ الحكاية من جديد