5 flights up  …كيف تعمّق السطحي؟!

موقع الكتابة الثقافي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام
محمد أبو عوف مورجان فريمان، وديانا كيتون يبدعان في فيلم من إنتاج 2014، عدد مشاهداته على موقع Imdb  (5439)، بتقييم 6.1، لم يحصلا إلا على جائزة واحدة Movies for Grownups Award. مورجان فريمان هو شخصية أتشوق دائما لأرى الجديد الذي سيقدمه، كيف سيجسد الشخصية الجديدة بنفس شكله، وصوته، بالفعل لم يخذلني، فهو يجسّد دور الزوج الرسّام، تزوج منذ أربعين سنة، وزوجته تسعى لكسر الروتين في حياتهما فتقرر بيع السكن، وشراء شقة جديدة. مدة الفيلم ساعة ونصف، ومحوره الرئيس يدور حول هذه الحادثة، ولا أبطال غيرهما، إضافة للكلبة العجوز ذات التسع سنوات. لا نستطيع إلا أن نطلق على هذا العمل أنه من نوعية السهل الممتنع، تكمن متعته في التفاصيل، مهما تحدثت عن أحداثه أو سردتها فلن تحرق الأحداث أو تفقدك متعة المشاهدة، ديانا كيتون تلبسّتها الشخصية تمامًا، فالكيمياء تسري بينهما تكاد تظهر من كل ذرة هواء أمامك على الشاشة. هو الزوج الراضي عن حياته، لا يريد بيع الشقة، لكنه لا يريد أن يغضبها، فيسير معها ويسايرها خطوة بخطوة، يترك لها الاختيار، تتابع الإعلانات وتحدد مواعيد المعاينة فيذهب معها، تتجول في الشقة المعروضة للبيع، ويجلس على أقرب كرسي ينتظرها أو يذهب للمطبخ للبحث عن كوب ماء يتناول به الدواء، تناديه ليشاهد تفصيلة معينة مهمة، يأتي المشترون إلى شقتهم، ويجلس هو في مرسمه يكمل لوحاته، الكلبة تمرض وتحتاج إلى عملية، يختلفان في وجهة النظر، حول سنها الكبير وأن الأفضل لها الموت لأنها تتعذب، لكنه عندما يرى حزنها الطاغي، فيهاتف الطبيب ويخبره بأنه يريد أن يعالج الكلبة. ولن أحدثك عن رد فعلها، فهذا مشهد يجب أن تراه. هي تعرف أنه لا يريد أن يغير السكن، وأنه فقط لا يريد إغضابها، لذلك تحرص دائمًا على إرضائه، تتحدث كثيرًا بحماس شديد عندما أحبت إحدى الشقق، ويخبرها عن سعادته بها أيضًا، لكن ولأنه مورجان فريمان، فيستطيع بسهولة أن يوقفك عند الحافة بين أنه يقول موافق وهو غير موافق، لكن كل ملامحه توافق حقيقة، فهو يستطيع أن يجعلك تقرأ ما يفكر به إذا أراد هو ذلك. عند الخلاف يعلو صوتهما، هو يريد التريّث لسبب منطقي هي تراه إفشال منه للصفقة، وعند تدخُّل السمسارة ذات صلة القرابة مع زوجته، هو الذي يتحدث لأنها هاجتمهما لأنهما لم يخبراها بالأمر، فهو الآن الممسك بزمام الأمور، وعند كتابة الشيك في النهاية هو الذي يكتبه أيضًا، وعندما تسبهما السمسارة فديانا هي التي تدافع عنه وهو يصمت لأنها قريبتها. ولم يزل يدهشها وتذهب إليه كحائط صد ودفاع أخير في حياتها، لترى لوحتها مرسومة فتخبره لماذا ترسم هذه السيدة العجوز فيسألها وأين هي السيدة العجوز؟ فتبتسم بخجل وتقول: إجابة جيدة. إن هذه اللوحة الفنية باختصار، تصوير لأكثر من أربعين سنة في ساعة ونصف، حتى الإيماءات ونظرات الأعين وإشارات الأيدي محسوبة بدقة، درسٌ في تعميق الفكرة البسيطة من خلال المونولوج الداخلي القصير بين الحين والآخر أو تعليقاته على الأحداث، فهو في النهاية الفنان الشيخ الذي يمتلك فلسفة في الحياة، فلسفة ليست معقدة، لكنها تنظر للأمور بشكل مختلف، دائما ما ينصح ديانا ويضع رأيه ويتركها تفعل ما تريد وتعود له مرة أخرى لتناقشه فيما أخطأت وأصابت. إضافة أخرى تمت بشكل مناسب يشبه لعبة البازل، وهي الشخصيات الثانوية، النماذج التي تقابلوا معها في الشقق سواء شقتهم أو في رحلتهم البحثية، فهذه سيدة لا تملك نقود ويصادق مورجان ابنتها الطفلة، وهذه طبيبة نفسية وهذا صاحب شقة لا يريد أن يبيعها، نماذج عديدة ومشاهد سريعة ساخرة أحيانًا درامية أحيانًا أخرى، وكأن الفيلم يأخذك في جولة سريعة حول طباع البشر والمدنية وكيف تؤثر واجهة المنزل في نفسية صاحبها. حتى حبهما لكلبتهما عميق، فهي بمثابة الابنة الباقية معهما في سني الشيخوخة، لهتفهما عليها عند مرضها. والخط الأخير هو الإرهابي الذي بث الرعب في نيويورك كلها، من خلال عملية إرهابية وهروب وكيف تعامل الإعلام معها وكيف رآها أبطال الفيلم؟ وكيف رآها الثانويون وكيف انتهت؟! والأهم هو تعليقات مورجان طوال الفيلم على ما يشاهده من حوادث. كل ما سبق مدته ساعة ونصف، عبقرية الكتابة والأداء والتصوير والرومانسية غير المبتذلة درسٌ في التكثيف الفني. وكأن مورجان وديانا يقولان تستطيع إخراج ما نريد للمشاهد من مشاعر وارتباك وحب وبكاء وطاقة إيجابية وحب الحياة في هذه المدة القصيرة. 5 flights up   جديرٌ بالمشاهدة، كان يستحق الكثير من الجوائز والدعايا، لكنه للأسف فشل تجاريا تمامًا، لكنه تجربة سينمائية مهمة وملهمة إلى أقصى حد، ومازال مورجان فريمان وديانا كيتون يبدعان ويبدعان وننتظر للمزيد. يمكنك تحميل الفيلم من هنا >>5 flights up    .  ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ  كاتب مصري    

مقالات من نفس القسم