5 قصائد

موقع الكتابة الثقافي writers 31
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

هدى عبد القادر

1

وكأن العالم يكتشف قسوته من خلالي

أسير بصحبة ما بقي من أحلامي، على حرف

ننتظر اللحظة المُكررة للسقوط

لا نصل للقاع أبداً

يتعاقب النور والظلام خارجياً فقط، بينما داخلي مُطفأ

هذا الشعور الدائم بالخواء..

تقول لي صديقتي بعفوية:

ربما لأنكِ لم تحملي طفلاً في أحشائك أبداً

أمد ذراعيّ قدر الإمكان لتحتضناني

سيبدو الأمر مُضحكاً اذا مر أحدهم ورآني بهذه الوضعية

لكنه يبقى هستيرياً إذا مررت أنا أمام مرآة!

ابنتي التي أبقيتها داخلي سنوات طويلة

تتركني أواجه كل هذه الصباحات دون بسمتها

دون صوت تنفسها الرقيق

تترك شهيقاً طويلاً يبتلعها دوني

لأن إحداهن قالت إنها ليست هنا!

كلمة واحدة وضعتها داخلي كل هذا العمر

وكلمة واحدة دفعتها للتلاشي

الفراغ يتأرجح كعلامة تعجب ساخرة

يعود ليسكن ما بقيّ مني بغرور لائق

ذراعيّ صارا يقصران كل يوم

ولم يعد لي من يحتضنني .. سواه.

2

ثمة أشياء كاشفة تحدث على بساطتها: قاتلة

تجعلنا نرى وجهنا المُظلم فجأة

لم أهتم بإشارات جسدي المقتول عدة مرات

سحبته ليخرج رغم انتهاء صلاحيته للحياة

كم جثة قابلتني وبادلتني النفور

الرائحة الخانقة للتحلل، واللون الرمادي الذي يأكل الروح

لم أعرف أنني وصلت لقاع اليأس

كنتُ أظن أن ثمة نور سيظهر مُطهراً كل هذا

الأشياء العادية كفرشاة أسناني، مشطي، وملابسي الداخلية

ظلت عادية لكنها غير مناسبة الآن

كانت تُثير شجني فقط

كأن أهمس: ياه! كانت لي أسنان أهتم بها!

الكذب الذي زرعه أغلب الجيران كان ينمو أيضاً

بيد أننا كجثث لم تعُد لدينا شهية الآن

حتى أبناء أخي صاروا بعيدين جدا

كأنهم يروننا كائنات مُصطفة في عروض حديقة ما

يطعموننا بأياديهم الصغيرة ضحكات حلوة

لن يمكنها احياء رغبتنا في الحياة

فقط تسمح للدموع بالهرب

دوننا.

3

حشو أصابعي بالحروف

أُفرغ منها قدر المُستطاع ذاكرة ملمس يدك

ظهرك، وجانب وجهك المُبلل بالحنين

جبهتك تنغرس في حاجز وهمي من صدّي الضعيف

أُقبِّلها …

تبدو صورنا معاً كأنها تضحك في بُعد موازي

أتفقد صغيرتنا التي سميناها تيمناً بفِريدا

لأجدها نسيت الرسم، ولا تذكر سوى الجسد الصغير

مُمدداً في جبيرة من انتظارك ..

أرنو للوقت الذي ضيعته مُصدقة أنك هنا

عندما كان من الممكن أن تسيل حروفك مع حروف أصابعي

ليخلقا جسداً من القصيدة

القصيدة تنام داخل قلبي،

تضع خدها على وسادتي

تنظر داخلي وتبتسم

كلما رحَلتْ بقيت معي تواسيني ..

الآن لم يعُد ممكناً سوى أن أنتظرها أكثر منك

فهي يمكنها العودة، بينما أنت تصنع أخرى

مُطلقاً عليها: رحيل.

4

لستُ حزينة

قلتَ اكتبي لي دوما

فكرتُ أن رسالة طويلة من نفس الكلمة ستُعدّ جنوناً

لذلك كنتُ أحدثك في كل ما حولي –هذا جنون آخر-

كل شيء كان يناسب رهاناتي المُضحكة

كأن أقول: اذا مرت سحابة في الخامسة فهو يفتقدني

أو إذا نامت القطة عند مدخل البيت

فقد نسيّ ملامحي

ظل هذا مناسباً أكثر من معرفة ما يحدث عندك

ففكرة أن تكون بخير دوني مزعجة جداً!

كلمة “الظروف” مُلطف قوي لجروح الكبرياء

وسماع كذبات مدروسة سيعني الكثير لو تعلم!

رغم سهولة أن تقرأ رسائل من كلمة واحدة

بقيت كل رسائلي دون قراءة..

فلم أكن مجنونة كفاية لأرسلها.

5

الأمر لا يتعدى اعترافاً قصير القامة

ممتد المفعول!

أن أخبرك كم أفتقدك فتنتهي حربنا الملعونة هذه

كم أفتقد بشكل غير سوي

لمستك على عنقي

عينك التي تتحسس أفكاري

وصوتك الذي يتدفق كمخدر لأي مقاومة تافهة مِني

عندما تتعامل مع الأنثى داخلي

تقفز من أعماقي واحدة لا تريد إلا أن تبتلعها بقسوة

أن تسقي جلدها المُتشقق بفعل طول الاحترام،

وبأفعال أخرى سخيفة مثل اقترابها من الخمسين!

لماذا بقيَتْ في طور اليرقة كل هذا العمر

لتخرج كفراشة عجوز

تنتقي الألوان الداكنة، والحركات المدروسة

تحط على وجهك بوجل يشبه العبادة

لكنها تظل كأي فراشة عادية

تندفع نحو النور بمحض سذاجتها

لتحترق وهي تظن أن هذا هو ..

منتهى الحب.

مقالات من نفس القسم

علي مجيد البديري
يتبعهم الغاوون
موقع الكتابة

الآثم