تتفتت اليوميات بين الأشياء المتراكمة، لا أجد طريقة أكثر جدوى من تتبع كل الاستدراكات التي تظهر فجأة في منتصف الجملة، أغمض عيني وأحاول التجول بين المتاهات المتشابكة، في الخلفية موسيقى ديسباسيتو، مع صوت المعلق على مباراة الأهلى ومصر المقاصة.
“ماما..يعني إيه مصر المقاصة دي؟”.
“اسألي ابوكي“
“يلعن أبو مصر على المقاصة في ساعة واحدة” هذا ما لم أقله.
في محاضرة سابقة عن الحرية والرقابة على الإبداع، تحدث المحاضر عن أهمية مصر، ودلل على ذلك يذكرها في القرآن والإنجيل والتوراة، والعهد الجديد والقديم ٧٦٨٥٣٢٦٨ مرة.
لم أستطع منع نفسي من الاعتراض، أخبرته إن هذا ليس قياساً علمياً، كيف نتجاهل السياق الذي ذكرت فيه مصر، ربما كان سياقاً فاشياً، مستبداً، أو سياقاً ملعوناً، لكنه أصر أن كلامه الذي لا يعدو كلاما عاطفيا، أصر إنه مسلمة من مسلمات الكون.
الكون.. أعمق من كل المسلمات، يبتلعها ويضحك مثل وحش شرير دائم الحركة، دائم البحث عن فرائس متجددة.
زميلة أخبرتني إنني بحاجة إلى تعديل معتقداتي، ومعرفة أهمية المشاعر الوطنية، والتعمق في مسلمات الدين.
سألتها: “هل تعتقدين فعلا أن أهمية مصر المستمدة من ذكرها في الكتب السماوية، مسلمة من المسلمات؟”.
قالت لي بيقين: طبعاً
قلت لها بثقة: أحا.
يبدو أن الأمر كان مفاجئا لها، لكن مفاجأتي كانت أكبر في كم المسلمات التي يرزح تحتها البشر، للحد من الخوف البدائي من التغير، يوما ما سيقتلهم الثبات ويحررني أنا: أن لا يقين.