طارق هاشم
منذ ثلاثين عاماً
ألقيت أبي من النافذة
خرج مع الرياح والهواء والرمل
خرج هكذا بخفة ملاك
صورته التي أربكت أمي لسنوات طوال
ما زالت تعدو بين الصالة والمطبخ
أمي التي لم تنم منذ ثلاثين عاما
ادركت خطيئتها حين أخبروها أن أبي
لم يترك امرأة ولا رجلا إلا وحكى له عن المرأة الطيبة
التي كان يخونها كل مساء
وأنا أحمل جثته لألقيها خارج رأسي
اعترضت سيدة في آخر الممر المؤدي
إلى بيتنا الصغير في حي الأزهار
البيت الذي قام على دمعة من دموع أبي
لم يعد يسكنه سوى الاشباح التي تركها تنعي ذكرى نذالته
أبي مات حين بكت نادية سالم دون مراعاة
لجيرانها الذين جفت دموعهم من أثر الحرب
الدموع التي فرت وراء رجالهم دون أن تعود
في هذه اللحظه فقط مات أبي لا ريب
الاخبار التي حملتها جرائد الصباح
صحيحة مئة بالمئة
صورته أسفل الخبر تخبر كل الذين تعلقوا بها
أنها الآن بلا إطار يحفظهم
بل يحفظه هو
اليوم فقط مات
وجدوه ساكناً وحزيناً
دون روح