عزالدين الماعزي
كل شيء هادئ في اتجاه الجنوب
تصبحون على خير أيها الجنود المدجّجون بغابر الطباشير ودخان (الهضرا) و(فيزا) النميمة والجلوس بدون فائدة. ليس هناك ما نملكه غير لعب الكارطا والاقتراض من كل البنوك، (إيكدوم ) وراء (إيكدوم) وراء (إيكدوم) يوم ينتهي، نتعلق في ذاك، هل خلقنا من أجل الاقتراض؟..
أعجب للذي ينفخ في صدره تأوهات، يُعلم نفسه الصبر والحلم بالقبض على شبكات وصور السيارات، يقدم في كل حديثٍ ماكر حرف الميم، ينهر ربةَ البيت حين يخرج وفي جيبه فقط ثمن القهوة، ولا شيء يلمع الحذاء غير حديث جنديّ أعيته الفقاعات المائية…
ليس لنا ما نملك غير ما نفكر فيه : السيارة المعطلة، والبيت الغير المكتمل، والنوافذ المكسورة، والأطفال الذين يتناسلون وراء كل خصام، رغم أقراص منع الحمل، والدقيق، والغاز، والتلوث الأخلاقي، وغول البادية ذي القرن الأفطس، وأشياء على شاكلة ما لا ينقال…
هل يكفي الحكي والسرد والتشفي لكي نحطم سلالم الترقي؟
الأكثر وداعة مع الآخرين، مشاكس مع نفسه لا يساوي عنده وازع.. حبة خردل.
خارج بلاغة الكلام يعلو صدأ الوجوه، وخارج ألياف التعتيم صور ذابلة لمحن متفاوتة الخطورة، إذن لنرفع فائض الكلفة فضربة الشمس تمزق البهجة، تتدفق اتجاه المرايا..
كم أمضيت من عمرك واقفا وراء الطابور..؟ وخارج القسم أشياء موحشة تحفر الخراب.. الأطفال أصبحوا أكثر هشاشة من السابق توازيها هشاشة المحتوى.
فكيف إذا احتمينا بالصبر أكثر ووضعنا ثوبا مطرزا على تفاعلاتنا، وتركنا هذا التلاشي، يأخذ مجراه، من لنا بمقولة الذبول ومُعجم العقوق وصك الحرمان ومذكرات الأحاسيس لتحويل هذا الإنتظار الحتمي إلى اكتمال ؟
عجلة أخرى نقذفها مع الهواء وتبدأ أيام العد العكسي حين نتحسس قرب نهاية العطلة :
– جاي تدوز العطلة ولا تحسب في الأيام ..؟
يضحك من أهمس له أن جميع حافلات الجنوب من ” آيت مزال” إلى” الخطوط” و” الهلال… “
تعرفني أني أكاد أملك من كل حافلة عجلة ، لا تنمحي ملامحها ولا تفقد تيمتها ..
صديقي يقترض كلما أراد السفر رفقة الزوجة والأطفال، وكلما جاء وحده أعيته جملة “والو” …
ما أصعب أن تحطم جيوبك طواجين وقضبان الشواء للقرى بجانب الطريق كأنها شجر الدفلى الحزين..؟
-( الشوا كباب.. أوجه بلادي.)
– رائحة البلاد تساوي عرق نهار مغبر بطباشير ماركة النسر الأزرق.
– كول أوجه تمارا – التعب الجميل – ولا تخلصش.
– اليد مثقوبة.. يهمس( توفيق) وهو يخرج من محفظته الجلدية ( كسكروطا) باردا..
– تعال بعيدا عن أعين الرقباء أو هناك تحت علامة في اتجاه الجنوب معكوسة، فكل شيء هادئ، لابد أن نقف هنا قليلا لتمرح الأطراف، ويسري هذا الدم المتبقي في جسم الجندي المجهول.